الثلاثاء، 1 يونيو 2021

كتاب:أخبارالظراف والمتماجنين المؤلف:ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي

كتاب:أخبارالظراف والمتماجنين

المؤلف:ابو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي
بسم الله الرحمن الرحيم عونك اللهم الحمد لله الذي قسم الأذهان فأكثر وأقل ، وصلواته على محمد أشرف نبي أرشد ودل ، وعلى أصحابه وأتباعه ما أطل سحاب فطل وبل
أما بعد ؛ فلما كانت النفس تمل من الجد ، لم يكن بأس بإطلاقها في مزح ترتاح به
1 -
كان الزهري يقول : هاتوا من أشعاركم ، هاتوا من طرفكم ، أفيضوا في بعض ما يخف عليكم وتأنس به طباعكم
2 -
وقد كان شعبة يحدث الناس ، فإذا تلمح أبا زيد النحوي في أخريات الناس ، قال : يا أبا زيد ! ( استعجمت دار نعم ما تكلمنا ** والدار لو كلمتنا ذات أخبار )
3 -
وقال حماد بن سلمة : لا يحب الملح إلا ذكران الرجال ، ولا يكرهها إلا مؤنثوهم
4 -
عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ ، فإذا كانت الحقائق كانوا الرجال
5 -
قال قبيصة : كان سفيان مزاحا ، ولقد كنت أجيء إليه مع القوم فأتأخر خلفهم مخافة أن يحيرني بمزاحه
6 -
قال سفيان بن عيينة : أتينا مرة مسعر بن كدام ، فوجدناه يصلي ، فأطال الصلاة جدا ، ثم التفت إلينا متبسما ، فأنشدنا : ( ألا تلك عزة قد أقبلت ** ترفع نحوي طرفا غضيضا تقول : مرضنا فما عدتنا ** وكيف يعود مريض مريضا ) قال : فقلت : رحمك الله ، بعد هذه الصلاة هذا ! قال : نعم ! مرة هكذا ومرة هكذا
7 -
قلت : وقد بلغني عن جماعة من الفطناء والظرفاء حكايات تدل على قوة فهومهم ، فسماعها يشحذ الذهن ، وينبه الفهم ، فأحببت أن أذكر منها طرفا

8 -
وبلغني عن جماعة من المجون ما يتفرج فيه
ومعنى المجون : صرف اللفظ عن حقيقته إلى معنى آخر ، وذلك يدل على قوة الفطنة
فكتبت من ذلك في هذا الكتاب طرفا
وقد قسمته ثلاثة أبواب : الباب الأول : فيما ذكر عن الرجال
الباب الثاني : فيما ذكر عن النساء
الباب الثالث : فيما ذكر عن الصبيان
والله الموفق

الباب الأول فيما ذكر عن الرجال قد قسمت هذا إلى خمسة أقسام : أحدها : ما يروى من ذلك عن الأنبياء عليهم السلام
والثاني : ما يروى عن الصحابة
والثالث : ما يروى عن العلماء والحكماء
والرابع : ما ما يروى عن العرب
والخامس : ما يروى عن العوام .
القسم الأول فيما يروى عن الأنبياء عليهم السلام 22 - عن محمد بن كعب القرظيّ ، قال : جاء رجل إلى سليمان النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : يا نبي الله ! إن لي جيراناً يسرقون إوزّي ، فنادى : الصلاة جامعة ؛ ثمّ خطبهم ، فقال في خطبته : واحدكم يسرق إوزّة جاره ، ثمّ يدخل المسجد والرّيش على رأسه ! فمسح رجلٌ رأسه ، فقال سليمان : خذوه ، فإنّه صاحبكم
23 -
قلت : وذكروا في الإسرائيليات أنّ الهدهد جاء إلى سليمان ، فقال : أريد أن تكون في ضيافتي ، فقال سليمان : أنا وحدي ؟ فقال : لا ! بل أنت والعسكر ، في يوم كذا ، على جزيرة كذا ؛ فلمّا كان ذلك اليوم ، جاء سليمان و عسكره ، فطار الهدهد ، فصاد جرادةً ، فخنقها ، ورمى بها في البحر ، وقال : كلوا ، فمن لم ينل من اللّحم نال من المرقة ؛ فضحك سليمان من ذلك وجنوده حولاً كاملاً
24 -
عن أبي هريرة ، قال : قال رجل : يا رسول الله ! إن لي جاراً يؤذيني ، فقال : ' انطلق ، فأخرج متاعك إلى الطريق ' فأنطلق ، فأخرج متاعه ، فاجتمع الناس عليه ، فقالوا : ما شأنك ؟ فقال : لي جارٌ يؤذيني ، فذكرت ذلك للنبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : ' انطلق ! فأخرج متاعك إلى
الطريق ' ، فجعلوا يقولون : اللهّم العنة ، اللّهم اخزه ؛ فبلغه ، فأتاه ، فقال : ارجع إلى منزلك ، فوالله لا أؤذيك
25 -
قال محمد بن إسحاق : لما خرج رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إلى بدر ، خرج هو ورجلٌ آخر تبعه ، فرأيا رجلاً ، فسألاه عن قريش وعن محمد وأصحابه ، فقال الشيخ : لا أخبركما حتى تخبراني من أنتما ؛ فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' إذا أخبرتنا أخبرناك ' فقال الشيخ : بلغني أن محمداً وأصحابه خرجوا يوم كذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا ، وبلغني أن قريشاً خرجوا يوم كذا ، فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا
ثم قال : ممن أنتم ؟ فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' نحن من ماء ' وكان العراق يسمى ماءً ، فأوهمه أنّه من العراق ، وإنّما أراد أنّه خلق من نطفة
26 -
وقال الحسن البصري : جاء رجلٌ إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] برجلٍ قد قتل حميماً له ، فقال له : ' أتأخذ الدية ؟ ' قال : لا ، قال ' أفتعفو ! ؟ ' قال : لا ، قال : ' اذهب فاقتله ' ، فلما جاوزه ، قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' إن قتله فهو مثله ' فأخبر الرجل ، فتركه
قال ابن قتيبة : لم يرد أنّه مثله في المأثم ، إنّما أراد أنّ هذا قاتلٌ وهذا قاتلٌ ، إلاّ أنّ الأوّل ظالمٌ والثاني مقتص
27 -
قال خوّات بن جبير : نزلت مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] مرّ
الظهران ، فخرجت من خبائي ، فإذا نسوةٌ يتحدّثن ، فأعجبنني ، فرجعت ، فأخرجت حلةٌ لي من عيبتي ، فلبستها ، ثم جلست إليهن ، وخرج رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] من قبته ، فقال : ' أبا عبد الله ! ما يجلسك إليهنّ ؟ ' قال : فهبت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقلت : يا رسول الله ! جملٌ لي شرودٌ ، أبتغي له قيداً
قال : فمضى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، وتبعته ، فألقى إليّ رداءه ، ودخل الأراك ، فقضى حاجته ، وتوضأ ، ثمّ جاء ، فقال : ' أبا عبد الله ! ما فعل شرادُ جملك ؟ ' ثمّ ارتحلنا ، فجعل لا يلحقني في الميسر إلا قال : ' السلام عليكم أبا عبد الله ، ما فعل شراد جملك ؟ '
قال : فتعجلت إلى المدينة ، فاجتنبت المسجد ومجالسة رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فلما طال ذلك عليّ تحيّنت ساعة خلوة المسجد ، [ ثم أتيت المسجد ] ، فجعلت أصلي ، فخرج رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] من بعض حجره ، فجاء ، فصلى ركعتين خفيفتين ، ثم جلس ، وطولت رجاء أن يذهب ويدعني ، فقال : ' طوّل أبا عبد الله ما شئت ، فلست بقائم حتّى تنصرف ' فقلت : والله لأعتذرنّ إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، ولأبرئن صدره ؛ فانصرفت ، فقال : ' السلام عليكم أبا عبدالله ، ما فعل شرادُ الجمل ؟ '
فقلت : والذي بعثك بالحق ما شرد ذاك الجمل منذ أسلمت ، فقال : ' رحمك الله ' مرتين أو ثلاثاً ، ثم أمسك عني ، فلم يعد

28 -
عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، قال : كان بالمدينة رجلٌ يقال له : نعيمان ، وكان لا يدخل المدينة طرفة إلاّ اشترى منها ، ثمّ جاء بها إلى النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : يا رسول الله ! هذا أهديته لك ؛ فإذا جاء صاحبه ، فطالب نعيمان بثمنه ، جاء به إلى النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال : يا رسول الله ! اعطِ هذا ثمن متاعه ، فيقول رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : ' أو لم تهده لي ؟ ' فيقول : يا رسول الله ! والله لم يكن عندي ثمنه ، ولقد أحببت أن تأكله ؛ فيضحك رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، ويأمر لصاحبه بثمنه

القسم الثاني فيما يروى عن الصحابة 29 - عن أنس ، قال : لما هاجر رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، كان يركب ، وأبو بكر رديفه ، وكان أبو بكر يعرف لاختلافه إلى الشام ، فكان يمرّ بالقوم ، فيقولون : من هذا بين يديك يا أبا بكرٍ ؟ فيقول : هذا يهديني
30 -
عن عبد الجبار بن صيفي ، عن جدّه ، قال : إنّ صهيباً قدم على النبيّ [ صلى الله عليه وسلم ] ، وبين يديه تمرٌ وخبزٌ ، فقال : ' ادن فكل '
قال : فأخذ يأكل من التمر ، فقال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] : ' إنّ بعينك رمداً ' فقال : يا رسول الله ! أنا آكل من الناحية الأخرى ؛ فتبسم النبي [ صلى الله عليه وسلم ]
31 -
عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، قال : وفدت على عمر بن الخطاب حللٌ من اليمن ، فقسمها بين الناس ، فرأى فيها حلّة رديئة ، فقال : كيف أصنع بها ؟ إن أعطيتها أحداً لم يقبلها إذا رأى هذا العيب فيها ؛ فأخذها ، فطواها ، فجعلها تحت مجلسه ، فأخرج طرفها ، ووضع الحلل بين يديه ، فجعل يقسم بين الناس ، فدخل الزبير بن العوّام وهو على تلك الحال ؛ قال : فجعل ينظر إلى تلك الحلة ، فقال : ما هذه الحلة ؟ قال عمر : دع هذه عنك
قال : ما هيه ، ما هيه ، ما شأنها ؟ قال : دع هذه عنك
قال : فأعطينيها ؛ قال : إنّك لا ترضاها
قال :
بلى ! قد رضيتها ؛ فلما توثّق منه واشترط عليه أن يقبلها ولا يردّها ، رمى بها إليه ؛ فلمّا أخذها الزّبير ، ونظر إليها ، إذا هي رديئةٌ ، فقال : لا أريدها ؛ فقال عمر : أيهات ، قد فرغت منها ؛ فأجازه عليها وأبى أن يقبلها منه
32 -
عن حنش بن المعتمر أن رجلين أتيا امرأة من قريش ، فاستودعاها مئة دينار ، وقالا : لا تدفعيها إلى واحدٍ منا دون صاحبه حتى نجتمع ، فلبثا حولاً ، فجاء أحدهما إليها ، فقال : إنّ صاحبي قد مات ، فادفعي إلىّ الدنانير ؛ فأبت ، [ وقالت : إنّكما قلتما لا تدفعيها إلى واحدٍ منّا دون صاحبه ، فلست بدافعتها إليك ؛ فتثقّل عليها بأهلها وجيرانها ، ] فلم يزالوا بها حتّى دفعتها إليه
ثمّ لبثت حولاً ، فجاء الآخر ، فقال : ادفعي إليّ الدنانير ؛ فقالت : إنّ صاحبك جاءني ، فزعم أنّك متّ ، فدفعتها إليه ؛ فاختصما إلى عمر بن الخطاب ، فأراد أن يقضي عليها ، فقالت : أنشدك الله أن تقضي بيننا ، ارفعنا إلى عليّ ؛ فرفعهما إلى عليّ ، فعرف أنّهما قد مكرا بها ، فقال : أليس قلتما : لا تدفعيها إلى واحد منّا دون صاحبه ؟ قال : بلى ؛ فقال عليّ : مالك عندنا ، فجئ بصاحبك حتى تدفعها إليكما
33 -
عن أسامة بن زيدٍ ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان عمر بن الخطّاب يعدّ للنّاس خرقاً وخيوطاً ؛ فإذا أعطى الرجل عطاءه
في يده أعطاه خرقةً وخيطاً ، وقال له : اربط ذهبك ، وأصلح مويلك ، فإنّك لا تدري كم يدوم هذا لك ! فأدخل عليه رجلٌ يقاد ؛ فأعطاه ، فكأنه استقله ، فقال عمر لقائده : اخرج به ؛ فخرج به ، ففرشها ، ثمّ دعاه ، فقال : خذ هذه كلّها ؛ فجمعها ، وخرج فرحاً
34 -
عن عبد الله بن عاصم بن المنذر ، قال : تزوّج عبد الله بن أبي بكر الصديق عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل ، وكانت حسناء ، ذات خلقٍ بارعٍ ، فشغلته عن مغازيه ، فأمره أبوه بطلاقها ، فطلّقها ؛ وقال : ( ولم أر مثلي طلّق اليوم مثلها ** ولا مثلها في غير جرمٍ تطلّق ) فرق له أبوه ، وأمره فراجعها ، ثمّ ثم شهد مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] غزاة الطائف ، فأصابه سهمٌ ، فمات منه ، فقالت عاتكة : ( رزيت بخير الناس بعد نبيهم ** وبعد أبي بكرٍ وما كان قصّرا وآليت لا تنفك عيني حزينةً ** عليك ولا ينفك جلدي أغبرا فللّه فلله عيناً من رأى مثله فتىّ ** أكرّ وأحمى في الهياج وأصبرا إذا شرعت فيه الأسنّة خاضها ** إلى الموت حتى حتى يترك الرمح أحمرا ) ثم تزوّجها عمر بن الخطاب ، فأولم ، وكان فيمن دعا علي بن أبي طالب ؛ فقال : يا أمير المؤمنين ! دعني أكلم عاتكة ؛ فقال : كلّمها ؛ فأخذ عليّ بجانب الخدر ، ثم قال ؛ يا عديّة نفسها : ( وآليت لا تنفك عيني قريرةً ** عليك ولا ينفك جلدي أصفرا )
فبكت ، فقال عمر : ما دعاك إلى هذا ؟ كل النساء يفعل هذا
35 -
قال يهودي لأمير المؤمنين علي : ما دفنتم نبيكم حتى قالت الأنصار : منّا أميرٌ ومنكم أميرٌ ! فقال له عليٌ : أنتم ما جفّت أقدامكم من البحر حتى قلتم : اجعل لنا إلهاً ! 36 - عن أبي مليكة ، قال : قال ابن الزبير لابن جعفر : أتذكر إذ تلقينا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، أنا وأنت وابن عباس ، قال : نعم ، فحملنا وتركك
37 -
عن أبي رزين ، قال : سئل العباس : أنت أكبر أم رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ؟ قال : هو أكبر مني ، وأنا ولدت قبله
38 -
عن مجاهد ، قال : بينا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] في أصحابه ، إذ وجد ريحاً ، فقال : ' ليقم صاحب هذه الريح فليتوضأ ' ، فاستحيا الرجل ، ثمّ قال : ' ليقم صاحب هذه الريح فليتوضأ ، فإن الله لا يستحيي من الحق ' فقال العباس : ألا نقوم ، يا رسول الله ؛ كلنا نتوضأ ؟ 39 - عن ابن عباس : وروي مثل هذه القصة في خلافة عمر ، فقال جرير : يتوضأ القوم كلهم ؟ فقال عمر : نعم السّيد كنت في الجاهلية ، ونعم السيد أنت في الإسلام

40 -
عن عكرمة ، أن عبد الله بن رواحة كان مضطجعاً إلى جنب امرأته ، فخرج إلى الحجرة ، فعرف جارية له ، فانتبهت المرأة ، فلم تره ، فخرجت ، فإذا هو يعرف الجارية ، فرجعت فأخذت شفرةً ، فلقيها ومعها الشفرة ، فقال : مهيم ؟ فقالت : مهيم ! أما إنّي لو وجدتك حيث كنت لوجأتك بها ؛ قال : وأين كنت ؟ قالت : تعرفها
قال : ما كنت ! قالت : بلى ! قال : فإن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] نهانا أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب ؛ فقالت : اقرأه ؛ فقال : ( أتانا رسول الله يتلو كتابه ** كما لاح مشهودٌ من الصبح ساطع أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا ** به موقناتٌ أنّ ما قال واقع يبيت يجافي جنبه عن فراشه ** إذا استثقلت بالكافرين المضاجع ) قالت : آمنت بالله وكذبت بصري
قال : فغدوت إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فأخبرته ، فضحك حتى بدت نواجذه
41 -
عن أم سلمة ، قالت : خرج أبو بكر في تجارةٍ إلى بصرى قبل موت رسول الله بعام ، ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة ، وكانا قد شهدا بدراً ، وكان نعيمان على الزّاد ، وكان سويبط رجلاً مزاحاً ، فقال لنعيمان : أطعمني ! قال : حتى يجيء أبو بكرٍ ؛ قال : أما لأغيظنّك
قال : فمروا بقومٍ ، فقال لهم سويبط : تشترون مني عبداً لي ؟ قالوا : نعم ؛ قال : إنّه عبد له كلامٌ ، فهو قائل لكم : إنّي حرٌ ، فإن
كنتم إذا قال لكم هذه المقالة تركتموه فلا تفسدوا علي عبدي ! قالوا : لا ؛ بل نشتريه منك
قال : فاشتروه بعشر قلائص
قال : ثم أتوه ، فوضعوا في عنقه عمامةً أو حبلاً ، فقال نعيمان : إن هذا يستهزئ بكم ، وإني حرٌ ولست بعبد ! فقالوا : قد أخبرنا خبرك ؛ فانطلقوا به ، فجاء أبو بكرٍ ، فأخبروه بذلك ، فاتبع القوم ، فردّ عليهم القلائص ، وأخذ نعيمان ؛ فلمّا قدموا على النبي [ صلى الله عليه وسلم ] أخبروه ، فضحك النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وأصحابه منه حولاً
42 -
عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، أن عمر بن الخطاب استعمل المغيرة بن شعبة على البحرين ، فكرهوه ، فعزله عنهم ، فخافوا أن يردّه ، فقال دهقانهم : اجمعوا مئة ألف درهم حتى أذهب بها إلى عمر وأقول له : إن المغيرة اختان هذا ودفعه إليّ ؛ ففعلوا ، فأتى عمر ، وقال : إنّ المغيرة اختان هذا ودفعه إليّ ؛ فدعا عمر المغيرة ، وقال : ما يقول هذا ؟ قال : كذب ! إنما كانت مئتي ألف ! قال : فما حملك على ذلك ؟ قال : العيال والحاجة
فقال عمر للعلج : ما تقول ؟ قال : والله لأصدقنّك ! والله ما دفع إلي قليلاً و لا كثيراً ! فقال عمر للمغيرة : ما أردت إلى هذا ؟ قال : الخبيث كذب عليّ ، فأحببت أن أخزيه

43 -
عن نافعٍ ، قال : كان عبد الله بن عمر يمازح مولاة له ، فيقول لها : خلقني خالق الكرام وخلقك خالق اللئام ! فتغضب وتصيح وتبكي ، ويضحك عبد الله
44 -
مازح معاوية الأحنف ، فقال : يا أحنف ! ما الشيء الملفف في البجاد ؟ قال : هو السخينة
أراد معاوية قول الشاعر : ( إذا ما مات ميتٌ من تميم ** فسرك أن يعيش فجئ بزادٍ بخبزٍ أو بسمنٍ أو بزيتٍ ** أو الشيء الملفّف في البجاد ) يريد وطب اللبن
والبجاد : كساءٌ يلف فيه ذلك
وأراد الأحنف ب ' السخينة ' أن قريشاً كانوا يأكلونها ويعيّرون بها ، وهي أغلظ من الحساء وأرق من العصيد ، وإنّما تؤكل في كلب الزمان وشدة الدهر
45 -
وكان بين يدي معاوية ثريدةٌ كثيرةُ السمن ، ورجلٌ يواكله ، فخرقه إليه ، فقال له : ! ( أخرقتها لتغرق أهلها ) ! [ 18 سورة الكهف / الآية : 71 ]
فقال : ! ( فسقناه إلى بلد ميت ) ! [ 35 سورة فاطر / الآية : 9 ]

46 -
ولمّا قدم معاوية حاجاً تلقّته قريشٌ بوادي القرى ، وتلقّته الأنصار بأجزاع المدينة ، فقال لهم : ما منعكم أن تلقوني حيث تلقتني قريشٌ ؟ قالوا : لم يكن دوابٌ ؛ قال : فأين النواضحٌ ؟ قالوا : أنضيناها يوم بدرٍ في طلب أبي سفيان
47 -
وقال معاوية لعقيل : إن فيكم لشبقاً يا بني هاشم ! قال : هو منّا في الرجال ، وهو منكم في النساء
48 -
عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده ، قال : شهدت مع رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقتلت رجلاً ، وضربني ضربةً ، فتزوّجت بابنته بعد ، فكانت تقول : لا عدمتُ رجلاً وشحك هذا الوشاح ؛ فأقول : لا عدمت رجلاً عجّل أباك إلى النار
49 -
قال معاوية لعبد الله بن عامر : إن لي إليك حاجةٌ ، أتقضيها ؟ قال : نعم ! ولي إليك حاجةٌ ، أتمضيها ؟ قال : نعم ؛ قال : سل حاجتك ، قال : أريد أن تهب لي دورك وضياعك بالطائف ؛ قال : قد فعلت ؛ قال : وصلتك رحمٌ ، فسل حاجتك ؛ قال : أن تردها عليّ ؛ قال : قد فعلت

50 -
قال رجلٌ لأبي الأسود الدؤلي : أشهد معاوية بدراً ؟ فقال : نعم ، من ذاك الجانب
51 -
روى سعيدٌ المقبري ، عن أبي هريرة ، أنّه قال : ' لا يزالً العبدُ في صلاةٍ ما لم يحدث ' فقال رجلٌ من القوم أعجمي : ما الحدثُ يا أبا هريرة ؟ قال : الصوت ، قال : وما الصوت ؟ فجعل أبو هريرة يضرط بفيه حتى أفهمه

القسم الثالث فيما يروى عن العلماء والحكماء 52 - عن شيخ من قريش ، قال : عرض شريحٌ ناقةً لبيعها ، فقال له المشتري : يا أبا أميّة ! كيف لبنها ؟ قال : احلب في أيّ إناءٍ شئت ؛ قال : كيف الوطاء ؟ قال : افرش ونم ؛ قال : فكيف نجاؤها ؟ قال : إذا رأيتها في الإبل عرفت مكانها ؟ قال : كيف قوتها ؟ قال : احمل على الحائط ما شئت
فاشتراها ، فلم ير شيئاً مما وصفها به ، فرجع إليه ، فقال : لم أر شيئاً مما وصفتها به ! قال : ما كذبتك ؛ قال : أقلني ؛ قال : نعمٌ
53 -
عن أبي القاسم السلمي ، عن غير واحدٍ من أشياخه ، أن شريحاً خرج من عند زيادٍ وهو مريضٌ ، فأرسل إليه مسروقٌ بن الأجدع رسولاً ، فقال : كيف تركت الأمير ؟ قال : تركته يأمر وينهى
قال : يأمر بالوصية وينهي عن النياحة
54 -
عن زكرياء بن أبي زائدة ، قال : كنت مع الشعبي في
مسجد الكوفة ، إذ أقبل حمّال على كتفه كودن ، فوضعه ، ودخل إليه ، فقال : يا شعبي ! إبليس كانت له زوجةٌ ؟ قال : ذاك عرسٌ ما شهدته ، قال : هذا عالم العراق يسأل عن مسألةٍ فلا يجيب ! فقال : ردّوه ، نعم له زوجةٌ ، قال الله عز وجل : ! ( أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني ) ! [ 18 سورة الكهف / الآية : 50 ] ولا تكون الذّرّيّة إلا من زوجةٍ
قال : فما كان اسمها ؟ قال : ذاك إملاكٌ ما شهدته
55 -
عن عبد الله بن عياش ، قال : جلس الشعبي على باب داره ذات يوم ، فمرّ به رجلٌ ، فقال : أصلحك الله ! إني كنت أصلي ، فأدخلت إصبعي في أنفي ، فخرج عليها دمٌ ، فما ترى : أحتجم أم افتصد ؟ فرفع الشعبي يديه ، وقال : الحمد لله الذي نقلنا من الفقه إلى الحجامة
56 -
أقر رجلٌ عند شريح ، ثم ذهب لينكر ، فقال له شريحٌ : قد شهد عليك ابن أخت خالتك
57 -
روى عامرٌ الشعبي يوماً : أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] ، قال : ' تسحروا ، ولو أن يضع أحدكم إصبعه على التراب ثمّ يضعه في فيه '
فقال رجلٌ : أيّ الأصابع ؟ فتناول الشعبيّ إبهام رجله ، وقال : هذه

58 -
ولقيه رجلٌ وهو واقفٌ مع امرأةٍ يكلّمها ، فقال الرجل : أيّكما الشّعبيّ ؟ فأومأ الشعبيّ إلى المرأة ، وقال : هذه
59 -
وسأله رجلٌ عن المسح على اللّحية في الوضوء ، فقال : خلّلها بأصابعك
فقال : أخاف أن لا تبلّها ! قال : فانقعها من أوّل اللّيل
60 -
ودخل الشعبي على عبد الملك ، فقال له : كم عطاءك ؟ قال : ألفي درهم
فقال : لحن العراقي ؛ ثم رد عليه ، فقال : كم عطاؤك ؟ قال ألفاً درهم
قال : ألم تقل : ألفي درهم ! فقال : لحن أمير المؤمنين فلحنت ، لأني كرهت أن يكون راجلاً وأكون فارساً
61 -
ودخل الشعبي الحمام ، فرأى داود الأوديّ بلا مئزر ، فغمض عينيه ، فقال له داود : متى عميت يا أبا عمرو ؟ قال : منذ هتك الله سترك
62 -
وجاء رجلٌ إلى الشعبي ، فقال : اكتريت حماراً بنصف درهم ، وجئتك لتحدّثني ؛ فقال له : أكتر بالنصف الآخر وارجع ، فما أريد أن أحدثك
63 -
وقيل للشعبي : هل تمرض الروح ؟ قال : نعم ! من ظل الثقلاء

64 -
قال بعض أصحابه : فمررت به يوماً وهو بين ثقيلين ، فقلت : كيف الروح ؟ قال : في النزع
65 -
قال أبو عبد الله الأسناطي : لما نزل في عين سعيد بن المسيب الماء ، قيل له : اقدحها ، فقال : فعلى من أفتحها
66 -
كان إبراهيم النّخعي إذا طلبه إنسانٌ لا يحبّ لقاءه ، خرجت الخادم فقالت : اطلبوه في المسجد
67 -
عن جرير ، قال : جئت الأعمش يوماً ، فوجدته قاعداً في ناحيةٍ ، وفي الموضع خليجٌ من ماء المطر ، فجاء رجلٌ عليه سواد ، فرأى الأعمش وعليه فروةٌ ، فقال : قم عبرني هذا الخليج ؛ وجذب بيده ، فأقامه ، وركبه ، وقال : ! ( سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) ! [ 43 سورة الزخرف / الآية 13 ]
فمضى به الأعمش حتى توسط الخليج ، ثم رمى به ، وقال : ! ( وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين ) ! [ 23 سورة المؤمنون / الآية : 29 ]
ثمّ خرج ، وتركه يتخبّط في الماء

68 -
عن الهيثم بن عدي ، قال : قيل للأعمش : ممّ عمشت عيناك ؟ قال : من النظر إلى الثقلاء
69 -
قال الأعمش : وقال جالينوس : لكل شيءٍ حمى ، وحمى الروح النظر إلى الثقلاء
70 -
قال شريك : سمعت الأعمش يقول : إذا كان عن يسارك ثقيلٌ وأنت في الصلاة ، فتسليمة عن اليمين تجزءك
71 -
قال إسحاق الأزرق : قال : رجلٌ للأعمش : كيف بتّ البارحة ؟ قال : فدخل ، فجاء بحصير ووسادة ، ثم استلقى ، وقال : كذا
72 -
قال سعيد الورّاق : كان للأعمش جارٌ ، كان لا يزال يعرض عليه المنزل ؛ يقول : لو دخلت فأكلت كسرةً وملحاً ؟ فيأبى عليه الأعمش ، فعرض عليه ذات يوم ، فوافق جوع الأعمش ، فقال : مرّ بنا ؛ فدخل منزله ، فقرّب إليه كسرةً وملحاً ؛ إذ سأل سائلٌ ، فقال له ربّ المنزل : بورك فيك ، فأعاد عليه المسألة ، فقال له : بورك فيك ؛ فلما سأل الثالثة ، قال له : اذهب ، وإلا والله خرجت إليك بالعصا ! قال : فناداه الأعمش : اذهب ويحك ! ولا والله ما رأيت أحداً أصدق مواعيد منه ، هو منذ سنةٍ يعدني على كسرةٍ وملح ، ولا والله ما زادني عليهما
73 -
قال الأعمش لجليسٍ له : تشتهي كذا وكذا من الطعام ؟
فوصف طعاماً طيباً ؛ فقال : نعم ؛ قال : فأنهض بنا ؛ فدخل به منزله ، فقدّم رغيفين يابسين وكامخاً ، وقال : كل ؛ قال : أين ما قلت ؟ قال : ما قلت لك عندي ، إنّما قلت تشتهي
74 -
دخل على الأعمش رجلٌ يعوده ، فقال له : ما أشدّ ما مرّ بك في علّتك هذه ؟ قال : دخولك
75 -
قال أبو بكرٍ بن عياش : كنّا نسمي الأعمش سيّد المحدثين ، وكنّا نجيء إليه إذا فرغنا من الدّوران ، فيقول : عند من كنتم ؟ فيقول : عند فلان ؛ فيقول : طبلٌ مخرقٌ ؛ ويقول : عند من ؟ فنقول : فلانٌ ، فيقول : دفٌ ممزّقٌ
وكان يخرج إلينا شيئاً لنأكله ، فقلنا يوماً : لا يخرج إليكم الأعمش شيئاً إلا أكلتموه
قال : فأخرج إلينا سنّاً ، فأكلناه ، وأخرج فدخل ، فأخرج فتيتاً ، فشربناه ، فدخل ، فأخرج إجانةً صغيرةً وقتاً ، وقال : فعل الله بكم وفعل ! أكلتم قوتي وقوت امرأتي ، وشربتم فتيتها ! هذا علفٌ الشاة ، كلوا ! قال : فمكثنا ثلاثين يوماً لا نكتب فزعاً منه ، حتى كلّمنا إنساناً عطاراً كان يجلس إليه حتى كلمه لنا

76 -
قال شعبة : كان الأعمش إذا رأى ثقيلاً ، قال له : كم عزمك تقيم في هذا البلد ؟ 77 - قال عمر بن حفص بن غياثٍ ، حدّثني أبي ، قال : قال لي الأعمش : إذا كان غد فاغذ عليّ حتى أحدثك عشرة أحاديث ، وأطعمك عصيدةً ، وانظر ! لا تجيء معك بثقيل ! قال حفص : فغدوت أريد الأعمش ، فلقيني ابن إدريس ، فقال : لي : أين تريد ؟ قلت : إلى الأعمش ، قال : فامض بنا
قال : فلمّا بصر بنا الأعمش دخل إلى منزله ، وأجاف الباب ، وجعل يقول من داخل : يا حفص ! لا تأكل العصيدة إلا بجوزٍ ! ألم أقل لك لا تجئني بثقيل !
78 -
قال السيناني : دخل مع أبي حنيفة على الأعمش ، فقال : يا أبا محمد ! لولا أني أكره أن أثقل عليك لزدت في عيادتك ؛ فقال له الأعمش : إنّك تثقل عليّ وأنت في بيتك ، فكيف إذا دخلت عليّ ؟ 79 - قال الرّبيع بن نافع : كنّا نجلس إلى الأعمش ، فنقول : في السماء غيمٌ
يعني : ههنا من نكره
80 -
قال جرير : دعي الأعمش إلى عرس ، فنشر فروته ، ثم
جاء ، فرده الحاجب ، فرجع ، فلبس قميصاً وإزاراً ، وجاء ، فلمّا رآه الحاجبُ أذن له ، فدخل ، وجاءوا بالمائدة ، فبسط كمّه على المائدة ، وقال : كل ! فإنما أنت دعيت ليس أنا ! وقام ولم يأكل
81 -
قال حفص بن غياثٍ : رأيت إدريس الأودي جاء بابنه عبد الله إلى الأعمش ، فقال : يا أبا محمد ! هذا ابني ، إنّ من علمه بالقرآن ، إنّ من علمه بالفرائض ، إنّ من علمه بالشعر ، إنّ من علمه بالنحو ، إن من علمه بالفقه ؛ والأعمش ساكتٌ ، ثم سأل الأعمش عن شيءٍ ، فقال : سل ابنك !
82 -
قال وكيعٌ : كنا يوماً عند الأعمش ، فجاء رجلٌ يسأله عن شيءٍ ، فقال : إيش معك ؟ قال : خوخٌ ؛ فجعل يحدثه بحديثٍ ويعطيه واحدةً ، حتى فني ، قال : بقي شيءٌ ؟ قال : فني يا أبا محمدٍ ؛ قال : قم ، قد فني الحديث
83 -
قال خبيقٌ : عوتب الأعمش في دخوله على بعض الأمراء ، فقال : هم بمنزلة الكنيف ، دخلت ، فقضيت حاجتي ، ثم خرجت
84 -
قال محمد بن عبيد الله بن صبيح : ولى الحجّاج رجلاً من الأعراب بعض المياه ، فكسر عليه بعض خراجه ، فأحضره ، ثم قال له : يا عدوّ الله ! أخذت مال الله ! قال : فمال من آخذ ! أنا والله مع الشيطان أربعين سنةً حتى يعطيني حبّةً ما أعطاني

85 -
قال عبيد الله بن محمدٍ التيمي : سمعت ذا النّون يقول بمصر : من أراد أن يتعلم المروءة والظرف فعليه بسقاة الماء ببغداد ، قيل له : وكيف ذلك ؟ قال : لمّا حملت إلى بغداد ، رمي بي على باب السلطان مقيّداً ، فمرّ بي رجلٌ متزرٌ بمنديل مصري ، معتمٌ بمنديل دبيقي ، بيده كيزان خزفٍ رقاقٍ وزجاج مخروط ، فسألت : هذا ساقي السلطان ؟ فقيل لي : لا ! هذا ساقي العامة ؛ فأومأت إليه اسقني ، فتقدّم وسقاني ، فشممت من الكوز رائحة المسك ، فقلت لمن معي : ادفع إليه ديناراً ؛ فأعطاه الدينار ، فأبى ، وقال : لست آخذ شيئاً ! فقلت له : ولم ؟ فقال : أنت أسيرٌ ، وليس من المروءة أن آخذ منك شيئاً ؛ فقلت : كمل الظرف في هذا
86 -
قال نسيمٌ الكاتب : قيل لأشعب : جالست الناس وطلبت العلم ، فلو جلست لنا ؟ فجلس ، فقالوا : حدّثنا ! فقال : سمعت عكرمة يقول : سمعت ابن عباس يقول : سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول ' خلّتان لا يجتمعان في مؤمن '
ثم سكت ، فقالوا : ما الخلّتان ؟ فقال : نسي عكرمة واحدة ، ونسيت أنا الأخرى

87 -
قال الواقديّ : لقيت أشعب يوماً ، فقال : وجدت ديناراً ، فكيف أصنع به ؟ قلت : تعرفه ؛ قال : سبحان الله ! قلت : فما الرأي ؟ قال : أشتري به قميصاً وأعرفه ؛ قلت : إذن لا يعرفه أحدٌ ؛ قال : فذلك أريد
88 -
قال الهيثم بن عدي : كان أشعب مولى فاطمة بنت الحسين ، فأسلمته في البزّازين ، فقيل له : أين بلغت معرفتك بالبزّ ؟ فقال : أحسن النشر ، وما أحسن أطوي ، وأرجو أن أتعلّم الطيّ
89 -
وقال أشعب : رأيت في النوم كأني أحمل بدرةً ، فمن ثقلها أحدثت ، فانتبهت ، فرأيت الحدث ولم أر البدرة
90 -
قال عثمان بن عيسى الهاشمي : كنت عند المعتز ، وكان قد كتب أبو أحمد ابن المنجّم إلى أخيه أبي القاسم رقعةً يدعوه فيها ، فغلط الرسول ، فأعطاها لابن المعتز وأنا عنده ، فقرأها ، وعلم أنّها ليست له ، فقلبها وكتب : ( دعاني الرسول ولم تدعني ** ولكن لعلّي أبو القاسم ) فأخذ الرسول الرقعة ومضى ، وعاد عن قريب ، فإذا فيها مكتوب : ( أيا سيّداً قد غدا مفخراً ** لهاشم إذ هو من هاشم تفضّل وصدّق خطأ الرسول ** تفضل مولى على خادم )
(
فما أن يطاق إذا ما جددت ** وهزلك كالشهد للطاعم فدى لك من كل ما يتّقيه ** أبو أحمد وأبو القاسم ) قال : فقام ، ومضى إليه
91 -
قال عثمان بن سعيد الرزاي : حدّثني الثقة من أصحابنا ، قال : لمّا مات بشرٌ المريسي لم يشهد جنازته من أهل العلم والسنّة أحدٌ إلا عبيد الشّونيزي ، فلمّا رجع من الجنازة لاموه ، فقال : أنظروني حتى أخبركم ، ما شهدت جنازةً رجوت فيها من الأجر ما رجوت في شهود جنازته ، إنّني لما قمت في الصف ، قلت : اللهمّ ! عبدك هذا كان لا يؤمن برؤيتك في الآخرة ؛ اللهمّ ! فاحجبه عن النظر إلى وجهك يوم ينظر إليك المؤمنون ؛ اللهم ! عبدك هذا كان لا يؤمن بعذاب القبر ، اللهمّ ! فعذبه اليوم في قبره عذاباً لم تعذبه أحداً من العالمين ؛ اللهمّ ! عبدك هذا كان ينكر الميزان ، اللهمّ ! فخفف ميزانه يوم القيامة ؛ اللهمّ ! عبدك هذا كان ينكر الشفاعة ؛ اللهمّ ! فلا تشفع فيه أحداً من خلقك يوم القيامة ؛ قال : فسكتوا عنه وضحكوا
92 -
دخل أبو حازم المسجد ، فوسوس له الشيطان أنّك قد أحدثت بعد وضوئك ؛ فقال : أو بلغ هذا من نصحك ؟ !
93 -
قال المدائني : كان المطلب بن محمدٍ على قضاءٍ مكة وقد كان عنده امرأة قد مات عنها أربعة أزواج ، فمرض مرض الموت ، فجلست عند رأسه تبكي ، وقالت : إلى من توصي بي ؟ قال : إلى السادس الشقيّ
94 -
قال أبو العباس محمد بن إسحاق الشاهد : سألت الزبير ابن البكار ، فقلت : منذ كم زوجتك معك ؟ فقال : لا تسألني ، ليس يرد القيامة أكثر كباشاً منها ، ضحيت عنها بسبعين كبشاً
95 -
عن عبد الرزّاق ، عن أبيه ، أن حجراً المدري أمره محمد بن يوسف أن يلعن علياً ، فقال : إنّ الأمير محمد بن يوسف أمرني أن ألعن علياً ، فالعنوه ؛ لعنه الله
قال : فعمّاها على أهل المسجد ، فما فطن لها إلا رجلٌ واحدٌ
96 -
قال القرشي : وامتحنت الخوارج شيعيّاً ، فقال : أنا من عليّ ومن عثمان برئ
97 -
قال مثنى : كان ابن عونٍ في جيشٍ ، فخرج رجل من المشركين ، فدعا إلى البراز ، فخرج إليه ابن عون وهو ملثم ، فقتله ، ثم اندسّ في الناس ، فجهد الوالي أن يعرفه ، فلم يقدر ، فنادى مناديه :
أعزم على من قتل هذا إلا جاءني ، فجاءه ابن عونٍ ، فقال : وما على رجلٍ أن يقول : أنا قتلته ؟
98 -
قال شميرٌ : إنّ رجلاً خطب امرأة وتحته أخرى ، فقالوا : لا نزوّجك حتى تطلّق ، فقال : اشهدوا أني قد طلقت ثلاثاً ، فزوّجوه ، فأقام على امرأته ، فادعى القوم الطلاق ، فقال : أما تعلمون أنّه كانت تحتي فلانةٌ بنت فلانٍ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى
وكانت تحتي فلانةٌ بنت فلانٍ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى
وكانت تحتي فلانةٌ فطلّقتها ؟ قالوا : بلى
قال : فقد طلّقت ثلاثاً
فبلغ إلى عثمان ، فجعلها نيّته
99 -
قال علي بن عاصم : دخلت على أبي حنيفة وعنده حجام يأخذ من شعره ، فقال للحجام : تتبع مواضع البياض ، قال الحجام : لا ترد ، قال : ولم ؟ قال : لأنّه يكثر
قال : فتتّبع مواضع السواد لعله يكثر
100 -
دخل أبو حنيفة على المنصور ، وكان أبو العباس الطوسي سيىء الرأي في أبي حنيفة ، فقال الطوسي : اليوم أقتله
فقال : يا أبا حنيفة ! إن أمير المؤمنين يأمرني بقتل رجل لا أدري ما هو ؟ فقال أبو حنيفة : أمير المؤمنين يأمر بالحق أو بالباطل ؟ قال : بالحق
قال : أنفذ الحق حيث كان
101 -
قال محمد بن جعفر الإمامي : كان أبو حنيفة يتّهم
شيطان الطاق بالرجعة ، وكان شيطان الطاق يتهم أبا حنيفة بالتناسخ ، فخرج أبو حنيفة يوماً إلى السوق ، فاستقبله شيطان الطاق ومعه ثوبٌ يريد بيعه ، فقال له أبو حنيفة : تبيع هذا الثوب إلى رجوع علي ؟ فقال له : إن أعطيتني كفيلاً أنك لا تمسخ قرداً ، بعتك ؛ فبهت أبو حنيفة
102 -
ولمّا مات جعفر بن محمد ، التقى هو وأبو حنيفة ، فقال له أبو حنيفة : أمّا إمامك فقد مات
فقال له شيطان الطاق : أمّا إمامك فمن المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم
103 -
قال محمد بن مسلمة المديني : وقيل له : إن رأي أبي حنيفة دخل هذه الأمصار كلّها ولم يدخل المدينة ؛ قال : لأنّ رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال : ' على كل نقبٍ من أنقابها ملكٌ يمنع الدّجّال من دخولها ' ، وكلام هذا من كلام الدّجّالين ، فمن ثم لم يدخلها !

104 -
قال أحمد بن محمدٍ ، عن يحيى القطان : قال لي يزيد بن هارون : أنت أثقل عندي من نصف حجر البزر ، قلت : لم لم تقل من الرّحى كله ؟ فقال : إنّه إذا كان صحيحاً تدحرج ، فإذا كان نصفاً لم يرفع إلا بجهدٍ
105 -
قال المبرد : سأل المأمون يحيى بن المبارك عن شيءٍ ، فقال : لا ، وجعلني الله فداك يا أمير المؤمنين ؛ فقال : لله درك ! ما وضعت واوٌ قطّ وضعاً أحسن منها في هذا الموضع ؛ ووصله وحمله
106 -
عن أبي سمي الزاهد ، عن إبراهيم بن أدهم ، إنّه كان في بعض السّواحل ومعه رفقاءٌ له ، ومعهم حميرٌ لهم ، فجاء إليهم رجلٌ ، فقال : أريد أصحبكم وأكون معكم ؛ فكأنّهم كرهوا ذلك ، فلما خرجوا إلى ساحل البحر والرّجل معهم ، قال إبراهيم بن أدهم للحمار : زر ؛ فصاح الحمارٌ ، فانصرف الرّجل عنهم ، وقال : أنا ظننت فيكم خيراً ؛ فصرفوه بهذا
107 -
قال عبدالله بن أحمد بن حربٍ : كلّم رجل عيسى بن موسى عند عبد الله بن شبرمة القاضي ، فقال عيسى : من يعرفك ؟ قال : ابن شبرمة ، فقال : أتعرفه ؟ قال : إني لأعلم أن له شرفاً وبيتاً وقدماً ؛ فلما خرج ابن شبرمة ، سئل عن ذلك ، فقال : أعلم أن له
أذنين مشرفتين ، وأنّ له بيتاً يأوي إليه ، وقدماً يطأ عليها
108 -
بلغنا أنّ رجلين سعيا بمؤمن إلى فرعون ليقتله ، فأحضرهم فرعون ، فقال للسّاعيين : من ربّكما ؟ قالا : أنت ! فقال للمؤمن : من ربك ؟ فقال : ربي ربّهما ! فقال لهما فرعون : سعيتما برجلٍ على ديني لأقتله ! فقتلهما
109 -
قال الأصمعيّ : أنشدت محمد بن عمران قاضي المدينة : ( يا أيها السائل عن منزلي ** نزلت في الخان على نفسي يغدو عليّ الخبز من خابزٍ ** لا يقبل الرّهن ولا ينسي آكل من كيسي ومن كسوتي ** حتى لقد أوجعني ضرسي ) فقال : اكتبه لي ؛ قلت : أصلحك الله ! إنّما يكتب هذا للأحداث ! فقال : ويحك ! اكتبه لي ، فإن الأشراف يعجبهم الملاحة
110 -
امتحن ابن أبي دؤاد الحارث بن مسكين أيام المحنة ، فقال له : أشهد أنّ القرآن مخلوقٌ ! فقال الحارث : أشهد أنّ هذه الأربعة مخلوقةٌ ، وبسط أصابعه الأربع ؛ وقال : التوراة والإنجيل والزّبور والفرقان ؛ فتخلّص
111 -
قال رجلٌ لأبي تمّام : لم لا تقول ما نفهم ؟ فقال : لم لا تفهمون ما أقول ؟ 112 - قال أحمد ابن أبي طاهر : قال أبو هفّان ، ووصف
رجلاً ، فقال : هو أثقل على القلوب من الموت على المعصية ! 113 - قال سفيان بن وكيع : سمعت سفيان بن عيينة يقول : دعانا سفيان الثّوري يوماً ، فقدّم إلينا تمراً ولبناً خاثراً ، فلمّا توسّطنا الأكل ، قال : قوموا بنا نصلي ركعتين شكراً لله
قال سفيان بن وكيع : لو كان قدّم إليهم شيئاً من هذا اللوزينج المحدث ، لقال لهم : قوموا بنا نصلي تراويح
114 -
قال أبو حاتم : أنشدنا الأصمعي : ( إذا جاء يومٌ صالحٌ فاقبلنه ** فأنت على يوم الشقاء قدير ) ثم قال : أتدرون من أين أخذت هذا ؟ أخذته من قول العيّارين : أكثر من التخم ، فإنّك على الجوع قادرٌ
115 -
قال بكر بن عبد الله المزني : أحوجٌ الناس إلى لطمةٍ من دعي إلى وليمةٍ فذهب معه بآخر ؛ وأحوج الناس إلى لطمتين رجلٌ دخل دار قوم ، فقيل له : اجلس ههنا ، فقال : لا ! بل ههنا ؛ وأحوج النّاس إلى ثلاث لطماتٍ رجلٌ قدم إليه طعامٌ ، فقال : لا آكل حتى يجلس معي ربّ البيت
116 -
قال عمرو بن عثمان : دخل المنصور قصراً ، فوجد في جداره كتاباً :
(
ومالي لا أبكي بعينٍ حزينةٍ ** وقد قربت للظّاعنين حمول ) وتحته مكتوبٌ : إيه إيه ؟ - قال أبو عمرو : ويروى آهٍ آهٍ - فقال المنصور : أيّ شيءٍ إيه إيه ؟ فقال له الربيع ، وهو إذ ذاك تحت يدي أبي الخصيب الحاجب : يا أمير المؤمنين ! إنّه لمّا كتب البيت أحبّ أن يخبر أنّه يبكي . فقال : قاتله الله ما أظرفه
117 -
قال أبو الفضل الرّبعي : حدثني أبي ، قال : قال المأمون لعبد الله بن طاهر : أيّما أطيب : مجلسي أو منزلك ؟ قال : ما عدلت بك يا أمير المؤمنين ! فقال : ليس إلى هذا ذهبت ، إنّما ذهبت إلى الموافقة في العيش واللّذّة ، قال : منزلي يا أمير المؤمنين
قال : ولم ذاك ؟ قال : لأني فيه مالك وأنا ههنا مملوكٌ
118 -
عن الأصمعي ، قال : قال رجلٌ : ما رأيت ذا كبرٍ قطّ إلا تحوّل داؤه فيّ
يريد : إنّي أتكبّر عليه
119 -
بلغنا عن بعض ولاة مصر أنّه كان يلعب بالحمام ، فتسابق هو وخادمٌ له ، فسبقه الخادم ، فبعث الأمير إلى وزيره يستعلم الحال ، فكره الوزير أن يكتب إليه : إنّك قد سبقت ؛ ولم يدر كيف يكني عن تلك الحال ، فقال كاتبٌ : ثم إن رأيت أن تكتب : ( يا أيّها المولى الذي جدّه ** لكلّ جدّ قاهرٌ غالبٌ طائرك السّابق لكنّه ** أتى وفي خدمته حاجب ) فاستحسن ذلك ، وأمر له بجائزةٍ ، وكتب به

120 -
أطال الجلوس يوماً عند الواثق حسينٌ الخادم ، فقال له : ألك حاجةٌ ؟ قال : أمّا إلى أمير المؤمنين فلا ، ولكن إلى الله تعالى أن يطيل بقاءه ويديم عزّه
121 -
جاء رجلٌ إلى أبي خازم القاضي ، فقال : إنّ الشيطان يأتيني ، فيقول : إنّك قد طلّقت امرأتك ، فيشككني ؛ فقال له : أو ليس قد طلقّتها ؟ قال : لا ! قال : ألم تأتني أمس فتطلّقها عندي ؟ فقال : والله ما جئتك إلا اليوم ، ولا طلّقتها بوجهٍ من الوجوه ، قال : فاحلف للشيطان كما حلفت لي ، وأنت في عافيةٍ
122 -
كتب بعض ملوك فارس على بابه : ' تحتاج أبواب الملوك إلى عقلٍ ومالٍ وصبرٍ ' فكتب بعض الحكماء تحته : ' من كان عنده واحدةٌ من هذه الثلاث لم يحتج إلى أبواب الملوك ' فرفع خبره إلى الملك ، فقال : زه ! وأمر بإجازته ومحو الكتابه من الباب
123 -
مرّ الشّعبي بخيّاط ، فقال : يا خيّاط ! عندنا راقود قد انكسر ، تخيطه ؟ فقال له الخيّاط : إن كان عندك خيوطٌ من ريحٍ خطته لك
124 -
لمّا حاصر خالد بن الوليد أهل الحيرة ، قال : ابعثوا لي رجلاً من عقلائكم ؛ فبعثوا عبد المسيح بن عمروٍ ، وكان نصرانياً ،
فجاء ، فقال لخالد : أنعم صباحاً أيها الملك ! فقال : قد أغنانا الله عن تحيّتك هذه ، فمن أين أقصى أثرك أيها الشيخ ؟ قال : من ظهر أبي ؛ قال : فمن أين خرجت ؟ قال : من بطن أمي ؛ قال : فعلام أنت ؟ قال : على الأرض ؛ قال : ففيم أنت ؟ قال : في ثيابي ؛ قال : أتعقل ؟ قال : أي والله ، وأقيّد ؛ قال : ابن كم أنت ؟ قال : أبن رجلٍ واحدٍ ؛ قال خالدٌ : ما رأيت كاليوم ، أسألك الشيء وتنحو في غيره ! فقال : ما أنبأتك إلا عما سألتني
125 -
قال المبرّد : قال رجلٌ لهشام بن عمروٍ الفوطي : كم تعدّ ؟ قال : من واحدٍ إلى ألف ألف ؛ قال : لم أرد هذا ، قال : فما أردت ؟ قال : كم تعدّ من السّنّ ؟ قال : اثنان وثلاثون ؛ ستة عشر من أعلى وستة عشر من أسفل ؛ قال : لم أرد هذا ، قال : فما أردت ؟ قال : كم لك من السنين ؟ قال : ما لي منها شيءٌ ، كلها لله عز وجل ؛ قال : فما سنّك ؟ قال : عظمٌ ؛ قال : فابن كم أنت ؟ قال : ابن اثنين : أبٌ وأمٌ ؛ قال : فكم أتى عليك ؟ قال : لو أتى عليٌ شيءٌ لقتلني ؛ قال : فكيف أقول ؟ قال : قل : كم مضى من عمرك ؟ 126 - لقي الخوارجٌ رجلاً ، فهمّوا بقتله ، فقال : أعهد إليكم في اليهود شيء ؟ قالوا : لا ! قال : فامضوا راشدين
127 -
قال الرشيد لأبي يوسف : ما تقول في الفالوذج
واللوزينج ؟ أيهما أطيب ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ! لا أقضي بين غائبين ؛ فأمر بإحضارهما ، فجعل أبو يوسف يأكل من هذا لقمةً ومن هذا لقمةً ، حتى نصف جاميهما ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ! ما رأيت خصمين أجدل منهما ، كلما أردت أن أسجل لأحدهما أدلى الآخر بحجّته
128 -
عن مطر الورّاق ، قال : إذا سألت العالم عن مسالةٍ فحكّ رأسه ، فاعلم ، أنّ حماره قد بلغ القنطرة
129 -
وعنه أيضاً أنّه قال : غضب عليّ أبي ، فأسلمني إلى الحاكة نصف يومٍ ، فأنا أعرف ذلك في عقلي
130 -
قال ابن خلفٍ : حدّثني بعض أصحابنا قال : بلغني أنّ
الرشيد خرج متنزهاً ، فانفرد من عسكره والفضل بن الرّبيع خلفه ، فإذا هو بشيخٍ قد ركب حماراً وفي يده لجامٌ كأنّه مبعرٌ محشوٌ ، فنظر إليه فإذا رطب العينين ، فغمز الفضل عليه ، فقال له الفضل : أين تريد ؟ قال : حائطاً لي
فقال : هل لك أن أدلك على شيء تداوي به عينيك فتذهب هذه الرطوبة ؟ قال : ما أحوجني إلى ذلك ! فقال له : خذ عيدان الهواء وغبار الماء وورق الكمأة ، فصيّره في قشر جوزةٍ واكتحل ، فإنّه يذهب عينيك
قال : فاتكأ على قربوسه ، فضرط ضرطة طويلةٌ ، ثمّ قال : تأخذ أجرةٌ لصفتك ، فإن نفعتنا زدناك
قال : فاستضحك الرشيد حتى كاد يسقط عن ظهر دابّته
131 -
قال المهدي لشريك : لو شهد عندك عيسى كنت تقبله ؟ وأراد أن يغري بينهما ؛ فقال : من شهد عندي سألت عنه ، ولا يسأل عن عيسى إلا أمير المؤمنين ، فإن زكيّته قبلته
132 -
دخل الوليد بن يزيد على هشام [ بن عبد الملك ] ، وعلى الوليد عمامةٌ وشي ، فقال هشام : بكم أخذتها ؟ قال : بألف درهم
فقال : هذا كثيرٌ ؛ قال : إنّها لأكرم أطرافي ، وقد اشتريت جاريةً بعشرة آلافٍ لأخسّ أطرافك ! 133 - وقعت على يزيد بن المهلّب حيةٌ ، فلم يدفعها عنه ، فقال
له أبوه : ضيّعت العقل من حيث حفظت الشجاعة
134 -
قال عمارة بن عقيل : قال ابن أبي حفصة الشاعر : أعلمت أنّ أمير المؤمنين ! يعني : المأمون - لا يبصر الشعر ؟ فقلت : من ذا يكون أفرس منه ؟ والله إنّا لننشد أوّل البيت فيسبق إلى آخره من غير أن يكون سمعه ؛ قال : إنّي أنشدته بيتاً أجدت فيه ، فلم أره تحرك له ، وهذا البيت فاسمعه : ( أضحى إمام الهدى المأمون مشتغلاً ** بالدّين والنّاس بالدّنيا مشاغيل ) فقلت له : ما زدت أن جعلته عجوزاً في محرابها في يدها سبحةٌ ، فمن يقوم بأمر الدّنيا إذا كان مشغولاً عنها وهو المطرق لها ؟ ألا قلت كما قال عمّك جريرٌ لعبد العزيز بن الوليد : ( فلا هو في الدنيا مضيعٌ نصيبه ** ولا عرضٌ الدنيا عن الدين شاغله ) 135 - بلغنا عن الرّشيد أنّه كان في داره حزمةٌ خيزران ، فقال لوزيره الفضل بن الرّبيع : ما هذه ؟ فقال : عروق الرماح يا أمير المؤمنين ؛ ولم يرد أن يقول : الخيزران لموافقته اسم أم الرّشيد
136 -
قيل للحسن بن سهل ، وقد كثر عطاؤه على اختلال حاله : ليس في السرف خيرٌ ؛ فقال : ليس في الخير سرفٌ
137 -
رأى الفتح بن خاقان شيئاً في لحية المتوكل ، فنادى : يا غلام ! مرآة أمير المؤمنين ؛ فجيء بها ، فقابل بها وجهه حتى أخذ ذلك الشيء بيده
138 -
قال الحسن بن علي بن مقلة : كان أبو علي ابن مقلة
يوماً يأكل ، فلمّا رفعت المائدة ، وغسل يده ، رأى على ثوبه نقطةً صفراء من الحلواء التي كان يأكلها ، ففتح الدواة ، واستمد منها ، ونقطها على الصفرة حتى لم يبق لها أثرٌ ، وقال : ذلك عيبٌ ، وهذا أثر صناعةٍ ؛ ثم أنشد : ( إنّما الزّعفران عطر العذارى ** ومداد الدّوي عطر الرجال ) 139 - قال السلامي الشاعر : دخلت على عضد الدولة ، فمدحته ، فأجزل عطيّتي من الثياب والدّنانير ، وبين يديه جامٌ ، فرآني ألحظه ، فرمى به إليّ ، وقال : خذه ؛ فقلت : وكل خيرٍ عندنا من عنده ؛ فقال عضد الدولة : ذاك أبوك ! فبقيت متحيّراً لا أدري ما أراد ؛ فجئت أستاذا لي ، فشرحت له الحال ؛ فقال : ويحك ! قد أخطأت خطيئة عظيمةً ، لأن هذه الكلمة لأبي نواس يصف كلباً حيث يقول : ( أنعت كلباً أهله في كدّه ** قد سعدت جدودهم بجدّه ( وكل خيرٍ عندهم من عنده ) قال : فعدت متّشحاً بكساء ، ووقفت بين يدي الملك أرعد ، فقال : ما لك ؟ قلت : حممت الساعة ، قال : هل تعرف سبب حمّاك ؟ قلت : نظرت في شعر أبي نواس ، فحممت ؛ قال : لا تخف ، لا بأس عليك من هذه الحمى ؛ فسجدت له ، وانصرفت
140 -
قال يموت بن المزرّع : جلس الجمّاز يأكل على مائدةٍ
بين يدي جعفر بن القاسم ، وجعفر يأكل على مائدةٍ أخرى مع قومٍ ، وكانت الصحفة ترفع من بين يدي جعفر فتوضع [ بين ] يديّ الجمّاز ومن معه ، فربّما جاء قليل وربما لم يجيء شيءٌ ، فقال الجمّاز : أصلح الله الأمير ، ما نحن اليوم إلا عصبةٌ ، ربّما فضل لنا بعض المال ، وربّما أخذه أهل السهام ولا يبقى لنا شيءٌ
141 -
قال يموت : وكان أبي والجمّاز يمشيان ، وأنا خلفهما ، فمررنا بإمام وهو ينتظر من يمرّ عليه فيصلي معه ، فلمّا رآنا أقام الصلاة مبادراً ، فقال له الجمّاز : دع عنك هذا ، فإنّ رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] نهى أن يتلقّى الجلب
142 -
قال عافية بن شبيبٍ : لما دخل الجمّاز على المتوكل ، قال له : تكلّم ، فإنّي أريد أن أستبرئك ؛ فقال : له الجمّاز : بحيضةٍ أو حيضتين ؟ فضحك الجماعة
فقال له الفتح [ بن خاقان ] : قد كلّمت أمير المؤمنين فيك حتى ولاّك جزيرة القرود ؛ فقال الجمّاز : أفلست في السمع والطاعة أصلحك الله ؟ فحصر الفتح وسكت ، فأمر له المتوكل بعشرة آلاف درهم ، فأخذها وانحدر ، فمات فرحاً بها
143 -
قال أحمد بن المعدل : كنت جالساً عند
عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون ، فجاءه بعضٌ جلسائه ، فقال : أعجوبةٌ ! قال : ما هي ؟ قال : خرجت إلى حائطي بالغابة ، فلمّا أصحرت وبعدت عن البيوت ، تعرّض لي رجلٌ ، فقال : اخلع ثيابك ! قلت : وما يدعوني إلى خلع ثيابي ؟ قال : أنا أولى بها منك ، قلت : ومن أين ؟ قال : لأني أخوك وأنا عريانٌ وأنت مكتسٍ ؛ قلت : فالمواساة ! قال : كلا ، قد لبستها برهةٌ ، وأنّا أريد أن ألبسها كما لبستها ؛ قلت : فتعريني وتبدي عورتي ؟ قال : لا بأس بذلك ، فقد روّينا عن مالك أنّه قال : لا بأس للرّجل أن يغتسل عرياناً ؛ قلت : فيلقاني الناس فيرون عورتي ؟ ! قال : لو كان الناس يرونك في هذه الطريق ما عرضت لك فيها ؛ فقلت : إني أراك ظريفاً ، فدعني حتى أمضي إلى حائطي وأنزع هذه الثياب ، وأوجه بها إليك ؛ قال : كلا ، أردت أن توجه إلى أربعةً من عبيدك ، فيحملوني إلى السلطان ، فيحبسني ، ويمزق جلدي ، ويطرح في رجلي القيد ؛ قلت : كلا ، أحلف لك أيماناً أني أفي لك بما وعدتك ولا أسؤوك ! قال : كلا ! إنّا روّينا عن مالك أنّه قال : لا تلزم الأيمان التي يحلف بها للصوص ؛ قلت : فأحلف لك إنّي لا أحتال في أيماني هذه ؛ قال : هذه يمين مركبةٌ على أيمان اللصوص ؛ قلت : فدع المناظرة بيننا ، فوالله لأوجّهن إليك هذه الثياب طيبةٌ بها نفسي ؛ فأطرق ، ثم رفع رأسه ، وقال : تدري فيم فكرت ؟ قلت : لا ؛ قال : تصفحت أمر اللصوص من عهد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وإلى وقتنا هذا فلم أجد لصاً أخذ نسيئةٌ ، وأكره أن أبتدع في الإسلام بدعةً يكون عليّ وزرها ووزر من
عمل بها بعدي إلى يوم القيامة ، اخلع ثيابك ؛ فخلعتها ودفعتها إليه
144 -
شاهد عبيد الله بن محمدٍ الخفّاف لصّاً قد أخذ ، وشهد عيه أنّه كان يفشّ الأقفال في الدور اللطاف ، فإذا دخل ، حفر في الدار حفرةً لطيفةً كأنّها بئر النرد ، وطرح فيها جوزاتٍ كأنّه يلاعب إنساناً ، وأخرج منديلاً فيه نحو مئتي جوزةً ، فتركه إلى جانبها ، ثم يكور جميع ما يطيق حمله ، فإن لم يفطن به خرج ، وإن جاء صاحب الدار ترك القماش وأفلت ، وإن كان صاحب الدار جلداً ، فواثبه ، وصاح : اللصوص ! واجتمع الجيران ، أقبل عليه ، وقال : ما أبردك ! أنا أقامرك بالجوز منذ شهور ، قد أفقرتني وأخذت كل ما أملكه ، لأفضحنّك بين جيرانك ، لمّا قمرتك الآن تصيح ! يا غثّ ! يا بارد ! بيني وبينك دار القمار ، قل قد ضغوت حتى أخرج ! فيقول الجيران : إنّما يريد أن لا يفضح نفسه بالقمار ، فقد ادعي على ذا اللصوصية ؛ فيحولون بينهما ، ويخرجون اللص
145 -
دخل لصٌ بيت قوم ، فلم يجد فيه شيئاً ، فكتب على الحائط : ' عزّ علي فقركم وغناي '

146 -
دخل لصٌ داراً ، فأخذ ما فيها وخرج ، فقال صاحب الدار : ما أنحس هذه الليلة ! فقال اللص : ليس على كل أحدٍ
147 -
قال أبو حاتم : أنشدنا الأصمعي : ( إذا جاء يومٌ صالحٌ فاقبلنه ** فأنت على يوم الشقاء قدير ) ثم قال : أتدرون من أين أخذت هذا ؟ من قول العيّارين : أكثر من التخم ، فأنت على الجوع قادر
148 -
قال إسحاق بن إبراهيم القزاز : كنّا عند بندار ، فقال في حديث : عن عائشة ، قال : قالت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فقال له رجلٌ يسخر منه : بالله ما أفضحك ! فقال : كنّا إذا خرجنا من عند روحٍ دخلنا على أبي عبيدة ، قال : فقد بان ذلك عليك
149 -
قال الأصمعي : كان بعض الكرماء في مجلسه وعنده جماعةٌ ، فضرط رجلٌ من جلسائه ، فانقبض لذلك ، واغتمّ بانقباضه صاحب المجلس ، فلمّا كان من الغد ، أمر فترك تحت الفرش نفّاخة السمك ، فلمّا جلس الناس عنده تفرقعت من تحت الجلساء ، فقال :
ما هذا ؟ انظروا ! فأخرجت وقد انشقّت ، فقال : هذا بالأمس ، وهذا اليوم ! وأمر بصفع الفراشين ، فزالت الظنّة عن الضّارط ، وبرئت ساحته . 150 - قال أبو أحمد العسكري : حدثني شيخٌ من شيوخ بغداد ، قال : كان حيّان بن بشرٍ قد ولي قضاء بغداد وقضاء إصبهان أيضاً ، وكان من جلّة أصحاب الحديث ، فروى يوماً أنّ عرفجة قطع أنفه يوم الكلام ! وكان مستمليه رجلاً يقال له : كجّة ، فقال : أيّها القاضي ! إنّما هو يوم الكلاب ؛ فأمر بحبسه ، فدخل إليه الناس ، وقالوا : ما الذي دهاك ؟ فقال : قطع أنف عرفجة في الجاهلية ، وامتحنت أنا به في الإسلام
151 -
قال محمد بن حفص جارُ بشر : دخلنا على بشر بن الحارث وهو مريضٌ ، فقال له رجلٌ : أوصني ! فقال : إذا دخلت إلى مريضٍ فلا تطل القعود عنده
152 -
دفع أبو الطّيب الطبري خفاً إلى خفاف ليصلحه ، فكان كلّما مرّ عليه يتقاضاه ، وكان الخفّاف كلما رأى القاضي أخذ الخف وغمسه في الماء ، وقال : الساعة الساعة ؛ فلمّا طال عليه ، قال له : إنّما دفعته إليك لتصلحه ، ولم أدفعه إليك لتعلّمه السباحة ! 153 - قال عبدالله بن البوّاب : كان المأمون يحلم حتى يغيظنا في بعض الأوقات ؛ جلس يستاك على دجلة من وراء ستر ونحن قيامٌ
بين يديه ، فمرّ ملاّحٌ وهو يقول : أتظنّون أنّ هذا المأمون ينبل في عيني وقد قتل أخاه ؟ قال : فوالله ما زاد على أن تبسّم ، وقال لنا : ما الحيلة عندكم حتى أنبل في عين هذا الرجل الجليل ؟ ! 154 - قال أبو الحسن المدائني : قال بعض أهل العلم : كان لنا صديقٌ من أهل البصرة ، وكان ظريفاً أديباً ، فوعدنا أن يدعونا إلى منزله ، فكان يمرّ بنا ، فكلما رأيناه قلنا له : ! ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) ! [ 21 سورة الأنبياء / الآية : 38 ]
فيسكت إلى أن اجتمع ما نريد ، فمرّ بنا ، فأعدنا عليه ، فقال : ! ( انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ) ! [ 77 سورة المرسلات / الآية : 29 ]
155 -
قال الزهري : سمعت سعيد بن المسيب يقول لرجل : ألك امرأةٌ إذا أخذتها قالت لك : قتلتني ؟ قال : نعم ! قال : فاقتلها ، فإن ماتت ، فعلي ديتها
156 -
قال أبو محمدٍ عبد الله بن علي المقرئ : كان حاجب الباب ابن النسوي ذكياً ، فسمع في بعض ليالي الشتاء بصوت برّادةٍ ، فأمر بكبس الدّار ، فأخرجوا رجلاً وامرأة ، فقيل له : من أين علمت ؟ فقال : في الشتاء لا يبرّد الماء ، وإنّما هذه علامةٌ بين هذين . 157 - كان لأحمد بن الخصيب وكيلٌ في ضياعه ، فرفعت عليه جنايةٌ ، فهرب ، فكتب إليه أحمد يؤنسه ويحلف له على بطلان ما اتصل به ، ويأمره بالرّجوع ، فكتب إليه :
(
أنّا لك عبدٌ سامعٌ ومطيعٌ ** وإنّي بما تهوى إليك سريع ولكن لي كفّاً أعيش بفضلها ** فما أشتري إلا بها وأبيع أأجعلها تحت الرّحى ثمّ أبتغي ** خلاصاً لها ! إنّي إذن لرقيع ) 158 - وروّينا أنّ المتوكل قال : أشتهي أنادم أبا العيناء لولا أنّه ضريرٌ ؛ فقال أبو العيناء : إن أعفاني أميرُ المؤمنين من رؤية الهلال ونقش الخواتيم فإني أصلح
159 -
وقيل لأبي العيناء : بقي من يلقى ؟ قال : نعم ! في البئر
160 -
قال علي بن سليمان الأخفش : سمعت أبا العيناء يقول : كنت يوماً في الورّاقين ، إذ رأيت منادياً مغفّلاً ، في يده مصحف مخلّق الأداة ، فقلت له : ناد عليه بالبراءة ممّا فيه ؛ وأنا أعني أداته ، فأقبل ينادي بذلك ، فاجتمع أهل السّوق والمارّة على المنادي ، وقالوا لهُ : يا عدوّ الله ! تنادي على مصحف بالبراءة ممّا فيه
قال : وأوقعوا به ، فقال لهم : ذلك الرّجل القاعد أمرني بذلك ؛ فتركوا المنادي ، وأقبلوا عليّ ، ورفعوني إلى الوالي ، وكتب في أمري إلى السلطان ، فأمر بحملي ، فحملت مستوثقاً مني ، واتصل خبري بابن أبي داؤدٍ ، فلم يزل يتلطّف في أمري حتى خلّصني
161 -
قال أبو العيناء : كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها ، أني مررت بسوق النّخّاسين يوماً ، فرأيت غلاماً ينادي عليه
وقد بلغ ثلاثين ديناراً وهو يساوي ثلاث مئة دينار ، فاشتريته ، وكنت أبني داراً ، فدفعت إليه عشرين ديناراً على أن ينفقها على الصّناع ، فجاءني بعد أيّام يسيرةٍ ، فقال : قد نفدت النّفقة ، قلت : هات حسابك ؛ فرفع حساباً بعشرة دنانير ، قلت : فأين الباقي ؟ قال : اشتريت به ثوباً مصمتاً وقطعته ، قلت : ومن أمرك بهذا ؟ قال : يا مولاي ! لا تعجل ، فإن أهل المروءات والأقدار لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلاً يعود بالزّين على مواليهم ؛ فقلت في نفسي : أنا اشتريت الأصمعي ولم أعلم !
قال : وكانت في نفسي امرأةٌ أردت أن أتزوّجها سرّاً من ابنة عمي ، فقلت له يوماً : أفيك خيرٌ ؟ قال : إي لعمري ؛ فأطلعته على الخبر ، فقال : أنا نعم العون لك ؛ فتزوجت ، ودفعت إليه ديناراً ، فقلت له : اشتر لنا كذا وكذا ، ويكون فيما تشتريه سمكٌ هازبى ؛ فمضى ، ورجع وقد اشترى ما أردت ، إلا أنّه اشترى سمكاً مارماهى ، فغاظني ، فقلت : أليس أمرتك أن تشتري هازبى ؟ قال : بلى ! ولكنّي رأيت بقراط يقول : إنّ الهازبى يولّد السّوداء ويصف المارماهى ؛ ويقول : إنّه أقل غائلةً ؛ فقلت : أنا لم أعلم إني اشتريت جالينوس ؟ ! وقمت إليه ، فضربته عشر مقارع ، فلمّا فرغت من ضربه ، أخذني وأخذ المقرعة ، وضربني سبع مقارع ، وقال : يا مولاي ! الأدب ثلاث ، والسبع فضلٌ ، ولذلك قصاصٌ ، فضربتك هذه السبع خوفاً عليك من القصاص يوم القيامة ؛ فغاظني جدّاً ، فرميته ، فشجحته ، فمضى من وقته إلى ابنة عمي ، فقال لها : يا مولاتي ! الدين النصيحة ، وقد قال النبي [ صلى الله عليه وسلم ] : ' من غشّنا فليس منا ' وأنا أعلمك أنّ مولاي قد تزوّج
واستكتمني ، فلمّا قلت له : لا بدّ من إعلام مولاتي ، ضربني بالمقارع ، وشجّني ؛ فمنعتني بنت عمّي من دخول الدار ، وحالت بيني وبين ما فيها ، فلم أر الأمر يصلح إلاّ بأن طلقت المرأة التي تزوّجتها ، فصلح أمري مع ابنة عمّي وسمّت الغلام ، ' النّاصح ' ، فلم يتهيّأ لي أن أكلّمه ، فقلت : أعتقه وأستريح ، لعلّه أن يمضي عنّي ؛ فأعتقته ، فلزمني ؛ قال : الآن وجب حقّك عليّ ؛ ثمّ إنّه أراد الحجّ ، فجهّزته وزوّدته ، وخرج ، فغاب عليّ عشرين يوماً ، ثمّ رجع ، فقلت له : لم رجعت ؟ قال : قطع الطريق ، وفكّرت ، فإذا الله تعالى يقول : ! ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) ! [ 3 سورة آل عمران / الآية : 97 ]
وكنت غير مستطيع ، وفكرت ، فإذا حقك عليّ أوجب ، فرجعت ؛ ثم أراد الغزو ، فجهزته ، فشخص ، فلمّا غاب عني بعت كل ما أملكه بالبصرة من عقارٍ وغيره ، وخرجت عنها خوفاً أن يرجع
162 -
وسئل أبو العيناء عن حماد بن زيدٍ بن درهم ، وحمّاد بن سلمة بن دينار ، فقال : بينهما في القدر ما بين أبويهما في الصرف
163 -
وشكى بعض الوزراء كثرة الأشغال ، فقال أبو العيناء : لا أراني الله يوم فراغك
164 -
وشكى أبو العيناء إلى عبيد الله بن سليمان تأخّر رزقه ، فقال : ألم نكن كتبنا لك إلى فلانٍ ، فما فعل في أمرك ؟ قال : جرّني
على شوك المطل ؛ قال : أنت اخترته ؛ قال : وما علي وقد اختار موسى قومه سبعين رجلاً ، فما كان فيهم رشيدٌ ، فأخذتهم الرجفة ، واختار رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ابن أبي سرح كاتباً ، فلحق بالكفّار مرتدّاً واختار عليّ أبا موسى ، فحكم عليه ؟ !
165 -
قال بعض العلويّة لأبي العيناء : أنت تبغضني ، ولا تصحّ صلاتك إلاّ بالصّلاة عليّ ، لأنّك تقول : اللّهم صلّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ ، قال : إذا قلت : ' الطّيّبين ' خرجت منهم
166 -
وقال له رجل : أشتهي أرى الشيطان ، قال : انظر في المرآة
167 -
كان علي بن عيسى الرّبعي يمشي على جانب دجلة ، فرأى الرّضيّ والمرتضى في سفينةٍ ، ومعهما عثمان بن جنّي ، فقال : من أعجب أحوال الشّريفين أن يكون عثمان جالساً بينهما وعليّ يمشي على الشط بعيداً عنهما
168 -
دخل حميد الطوسي على المأمون وعنده بشرٌ المريسيّ ، فقال المأمون لحميد : أتدري من هذا ؟ قال : لا ! قال : هذا بشرٌ المريسيّ ؛ فقال حميدٌ : يا أمير المؤمنين ! هذا سيّد الفقهاء ، هذا قد رفع عذاب القبر ومسألة منكر ونكير ، والميزان والصّراط ، انظر هل يقدر أن يرفع الموت فيكون سيّد الفقهاء حقّاً ؟ !

169 -
قال السري : اعتللت بطرطوس علة الذرب ، فدخل عليّ هؤلاء القرّاء يعودوني ، فجلسوا ، فأطالوا ، فآذاني جلوسهم ، ثمّ قالوا : إن رأيت أن تدعو الله ؟ فمددت يدي ، فقلت : الّلهمّ علّمنا أدب العيادة
170 -
قال عبد الله بن سليمان بن الأشعث ؛ سمعت أبي يقول : كان هارون الأعور يهودياً ، فأسلم وحسن إسلامه ، وحفظ القرآن والنحو ، فناظره إنسانٌ في مسألة ، فغلبه هارون ، فلم يدر المغلوب ما يصنع ، فقال له : أنت كنت يهودياً فأسلمت ، فقال هارون : فبئس ما صنعت ؟ ! فغلبه في هذا أيضاً
171 -
قال المبرّد : ضاف رجلٌ قوماً ، فكرهوه ، فقال الرجل لامرأته : كيف نعلم مقدار مقامه ؟ فقالت : ألقِِ بيننا شرّاً حتى نتحاكم إليه ، ففعل ، فقالت للضّيف : بالذي يبارك لك في غدوّك غداً ، أيّنا أظلم ؟ فقال الضّيف : والذي يبارك لي في مقامي عندكم شهراً ما أعلم
172 -
لما دخل أبو محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي بيت المقدس ، قصد أبا عثمان ابن ورقاء ، فطلب منه جزءاً ، فوعده به ، ثم
رجع ورجع مرّات ، والشيخ ينسى ، فقال له أبو محمدٍ : أيّها الشيخ ! لا تنظر إليّ بعين الصّبوة ، فإن الله تعالى قد رزقني من هذا الشأن ما لم يرزق أبا زرعة الرّازي
فقال الشيخ : الحمد لله
ثم رجع إليه في طلب الجزء ، فقال الشيخ : أيّها الشاب ! إنّي طلبت البارحة الأجزاء ، فلم أر جزءاً يصلح لأبي زرعة الرّازي ! فخجل وقام
173 -
كان أبو الحسين بن المتيّم الصوفي يسكن الرّصافة ، وكان مطبوعاً مضحاكاً ، وكان دائماً يتولّع برجلٍ شاهد فيه غفلةً ، يعرف بأبي عبد الله إلكيا
قال ابن المتيّم : فلقيته يوماً في شارع الرصافة ، فسلّمت عليه ، وصحت به : لتشهد عليّ ؛ فاجتمع النّاس علينا ، فقال : بماذا ؟ قلت : إن الله تعالى إله واحدٌ لا إله إلا هو وأنّ محمداً عبده ورسوله ، وأن الجنّة حقّ ، والنّار حقّ ، والسّاعة آتيةٌ لا ريب فيها ، وأنّ الله يبعث من في القبور ؛ فقال : أبشر يا أبا الحسين ! سقطت عنك الجزية ، وصرت أخاً من إخواننا
فضحك النّاس وانقلب الولع بي
174 -
استأجر رجلٌ رجلاً يخدمه ، فقال له : كم أجرتك ؟ قال : شبع بطني ؛ فقال له : سامحني ؛ فقال : أصوم كل اثنين وخميس
175 -
قال الجاحظ : كنت مجتازاً في بعض الطرق فإذا أنا برجلٍ قصيرٍ بطينٍ كبير الهامة ، متّزرٍ بمئزرٍ وبيده مشطٌ ، يسقي به شقةً ، ويمشطها به ؛ فاستزريته ، فقلت : أيها الشيخ ! قد قلت فيك
شعراً ؛ فترك المشط من يده ، وقال : هات ؛ فقلت : ( كأنّك صعوةٌ في أصل حشّ ** أصاب الحشّ طشٌ بعد رش ) فقال لي : اسمع الجواب ؛ قلت : هات ! فقال : ( كأنّك كندنٌ في ذنب كبش ** يدلدل هكذا والكبش يمشي ) 176 - منع عمرو بن العاص أصحابه ما كان يصل إليهم ؛ فقام إليه رجلٌ ، فقال له : اتّخذ جنداً من الحجارة لا تأكل ولا تشرب ؛ فقال له عمرو : اخسأ أيّها الكلب
فقال له الرجل : أنا من جندك ، فإن كنت كلباً فأنت أمير الكلاب وقائدها
177 -
قال رجلٌ لغلامه : يا فاجر ! فقال : مولى القوم منهم
178 -
قال الصّاحب بن عباد : جئت من دار السلطان ضجراً من أمر عرض لي ؛ فقال لي رجلٌ : من أين أقبلت ؟ فقلت : من لعنةِ الله ؛ فقال : ردّ الله عليك غربتك
179 -
قال شيخنا أبو منصور ابن زريق : كان رجلٌ من
الأصبهانّيين قد لازم أبي يسمع منه الحديث ، فأضجره ، فخرج أبي يوماً ، فتبعه الأصبهانيُّ ، وقال له : إلى أين ؟ قال : إلى المطبق ، قال : وأنا معك
180 -
قال رجلٌ لرجلٍ : بماذا تداوي عينك ؟ قال : بالقرآن ودعاء العجوز ؛ فقال : اجعل معهما شيئاً من أنزروت
181 -
قال الأصمعي : رأيت رجلاً قاعداً في زمن الطّاعون يعدّ الموتى في كوزٍ ، فعدّ أوّل يوم عشرين ومئة ألفٍ ، وعدّ في اليوم الثاني خمسين ومئة ألفٍ ؛ فمرّ قومٌ بميتّهم وهو يعدّ ، فلما رجعوا إذا عند الكوز غيره ، فسألوا عنه ، فقالوا : هو في الكوز
182 -
قال جعفر بن يحيى لبعض جلسائه : أشتهي والله أن أرى إنساناً تليق به النعّمة ؛ فقال : أنا أريك ؛ قال : هات ؛ فأخذ المرآة وقرّبها من وجهه

183 -
قال أبو الحسن السّلاميّ الشاعر : مدح الخالديان سيف الدّولة ابن حمدان بقصيدةٍ أوّلها : ( تصدّ ودارها صدد ** وتوعده ولا تعد وقد قتلته ظالمةً ** فلا عقلٌ ولا قود ) وقال فيها في مدحه : ( فوجهٌ كلّهُ قمرٌ ** وسائر جسمه أسد ) فأعجب بها سيف الدّولة واستحسن هذا البيت ، وجعل يردّده ؛ فدخل عيه الشّيظميُّ الشاعر ، فقال له : اسمع هذا البيت ؛ وأنشده ؛ فقال الشيظميُّ : احمد ربّك ! فقد جعلك من عجائب البحر
184 -
سئل جحظةُ عن دعوة حضرها ، فقال : كلُّ شيءٍ كان منها بارداً إلاّ الماء
185 -
قال شاعرٌ لشاعر : أنا أقول البيت وأخاه ، وأنت تقوله وابن عمّه
186 -
قال أبو حنيفة السائح : لقيت بهلول المجنون وهو يأكل في السوق ، فقلت : يا بهلول ! تجالس جعفر بن محمدٍ ، وتأكل في السوق ؟ ! فقال : حدّثنا مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول : ' مطل الغني ظلمٌ ' ولقيني الجوع وخبزي في كمي ، فما أمكنني أماطله

187 -
قال عليّ بن الحسين الرّازي : مرّ بهلول بقومٍ في أصل شجرةٍ ، فقالوا : يا بهلول ! تصعد هذه الشجرة وتأخذ عشرة دراهم ؟ فقال : نعم ؛ فأعطوه عشرة دراهم ، فجعلها في كمّه ، ثمّ التفت إليهم ، فقال : هاتوا سلّماً ؛ فقالوا : لم يكن هذا في شرطنا ! قال : كان في شرطي
188 -
ومرّ بهلول بسويق البزّازين ، فرأى قوماً مجتمعين على باب دكّانٍ قد نقب ، فنظر فيه ، وقال : ما تعلمون من عمل هذا ؟ قالوا : لا ، قال : فأنا أعلم
فقالوا : هذا مجنونٌ ، يراهم بالليل ولا يتحاشونه ، فالطفوا به لعلّه يخبركم ؛ فقالوا : خبرنا ؛ قال : أنا جائع ؛ فجاؤه بطعام سني وحلواء ، فلمّا شبع ، قام ، فنظر في النّقب ، وقال : هذا عمل اللّصوص
189 -
وسئل بهلول عن رجلٍ مات وخلّف ابناً وبنتاً وزوجةً ، ولم يترك شيئاً ؛ فقال : للابن اليتم ، وللبنت الثكل ، وللزوجة خراب البيت ، وما بقي للعصبة
190 -
ودخل بهلول وعليّان المجنون على موسى ابن المهديّ ، فقال لعليّان : إيش معنى عليّان ؟ فقال عليّان : فإيش معنى موسى ؟ فقال : خذوا برجل ابن الفاعلة ؛ فالتفت عليّان إلى بهلول ، فقال : خذ إليك ، كنّا اثنين صرنا ثلاثة

191 -
بعث بلال بن أبي بردة إلى ابن أبي علقمة المجنون ، فلمّا جاء قال له : أحضرتك لأضحك منك ! فقال المجنون : لقد ضحك أحد الحكمين من صاحبه ؛ يعرض بأبي موسى
192 -
قال أبو جعفر محمد بن جعفر البربي : مررت بسائل على الجسر وهو يقول : مسكيناً ضريراً ؛ فدفعت إليه قطعة
وقلت لهُ : لم نصبت ؟ فقال : فديتك ! بإضمار ' ارحموا '
193 -
قال محمد بن القاسم : سئل بعض المجّان ، فقيل لهُ : كيف أنت في دينك ؟ فقال : أخرقه بالمعاصي ، وأرقعه بالاستغفار
194 -
صحب مجوسي قدرياً ، فقال له القدري : مالك لا تسلم ؟ قال : حتى يريد الله ! قال : قد أراد ذلك ، ولكن الشّيطان لا يريده ؛ قال : فأنا مع أقواهما
195 -
قال محمد بن سكرة : دخلت حماماً ، وخرجت وقد سرق مداسي ، فعدت إلى داري حافياً ، وأنا أقول : ( إليك أذم حمّام ابن موسى ** وإن فاق المنى طيباً وحرّا تكاثرت اللّصوص عليه حتى ** ليحفى من يطيف به ويعرى )
(
ولم أفقد به ثوباً ولكن ** دخلت محمداً وخرجت بشراً ) 196 - جهل رجل على بعض العلماء ، فقال العالم : جرح العجماء جبار
197 -
قال محمد بن يوسف القطان : يحكى أن أبا الحسين الطّرائفي لمّا رحل إلى عثمان بن سعيد الدّرامي ، فدخل عليه ، قال له عثمان : متى قدمت هذا البلد ؟ فأراد أن يقول : أمس ، فقال : قدمت غداً
فقال له عثمان : فأنت بعد في الطريق
198 -
جاء رجل إلى ابن عقيل ، فقال له : إني أغتمس في النهر غمستين وثلاثاً ولا أتيقّن أنه قد عمّني الماء ولا أني قد تطهّرت ! فقال له : لا تصل
قيل له : كيف قلت هذا ؟ قال : لأن رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] قال : ' رفع القلم عن المجنون حتى يفيق ' ومن ينغمس في النهر مرّتين وثلاثاً ويظن أنه ما اغتسل ، فهو مجنون
199 -
قال عبد الرّحمن بن صالح : دخل أبو بكر ابن عيّاش على موسى بن عيسى وهو على الكوفة ، وعنده عبد الله بن مصعب الزّبيري ، فأدناه موسى ، ودعا له بتكاء ، فاتّكأ وبسط رجليه ، فقال
الزّبيري : من هذا الذي دخل ولم يستأذن له ، ثم اتّكأته وبسطته ؟ قال : هذا فقيه الفقهاء والمرأس عند أهل المصر ، أبو بكر ابن عيّاش ؛ قال الزّبيري : فلا كثير ولا طيب ، ولا مستحق لما فعلت به ! فقال أبو بكر للأمير : من هذا الذي يسأل عني بجهل ، ثم تتابع بسوء قول وفعل ؟ فنسبه له ، فقال له : اسكت مسكتاً ! فبأبيك غدر ببيعتنا ، وبقول الزور خرجت أمّنا ، وبابنه هدمت كعبتنا ، وبك أحرى ان يخرج الدّجّال فينا ؛ فضحك موسى حتى فحص برجليه ، وقال للزّبيري : أنا والله أعلم أنّه يحفظ أهلك وأباك ويتولاه ، ولكنّك مشؤوم على آبائك
200 -
دخل كلثوم بن عمرو العتّابي على المأمون وعنده إسحاق الموصلي ، فغمز المأمون إسحاق عليه ، فجعل العتّابي لا يأخذ في شيء إلا عارضه فيه إسحاق ، فقال له العتّابي : ما اسمك ؟ فقال : كل بصل ؛ قال : هذا اسم منكر
قال : أتنكر أن يكون اسمي كل بصل واسمك كل ثوم ! والبصل أطيب من الثوم ! ؟ فقال : أظنك إسحاق ! فقال : نعم ؛ فتوادّا
201 -
خرج الرشيد يوماً في ثياب العوام ومعه يحيى بن خالد وخالد الكاتب وإسحاق بن إبراهيم الموصلي وأبو نواس وعليهم ثياب العامة ، فنزلوا سهرية مع ملاّح غريب اختلاطا بالعوام
فنزل معهم
عامي ، فثقل على الرشيد ، وهمّ بإخراجه وعقوبته ، فقال أبو نواس : عليّ إخراجه من غير إساءةٍ إليه ؛ فقال أبو نواس للجماعة : عليّ مأكولكم من اليوم وإلى يوم مثله ؛ فقال الرشيد : وعليّ مشروبكم من اليوم وإلى يوم مثله ؛ وقال يحيى : عليّ مشمومكم من اليوم وإلى يوم مثله ؛ وقال خالد : عليّ بقلكم من اليوم إلى يوم مثله ؛ وقال إسحاق : عليّ أن أغنيكم من اليوم إلى يوم مثله ؛ ثمّ التفت أبو نواس إلى الرجل ، فقال : ما الذي لنا عليك أنت ؟ فقال : عليّ أن لا أفارقكم من اليوم إلى يوم مثله ؛ فقال الرشيد : هذا ظريفٌ لا يحسن إخراجه ، فصحبهم في تفرّجهم بقيةً يومهم
202 -
تغدى أعرابيٌ مع مزبدٍ ، فقال له مزبد : كيف مات أبوك ؟ فأخذ يحدثه بحاله وأخذ مزبّد يمضي في أكله ، فلمّا فطن الأعرابي ، قطع الحديث ، وقال له : أنت ! كيف مات أبوك ؟ فقال : فجأة ؛ وأخذ يأكل
203 -
قال سفيان الثّوري : ما نظرت قطّ إلى ثقيل أو بغيضٍ إلا كحّلت عينيّ بماء وردٍ مخافة أن يكون قد التصق بها شيءٌ
204 -
قال بعض المجّان : قال إبليس : لقيت من أصحاب البلغم شزّةً ، ينسون ويلعنوني !
205 -
قال الجمّاز : قال لي أبو كعب القاص : والدتي بالبصرة ، وأنا شديد الشّفقة عليها ، وأخاف إن حملتها إلى بغداد في الماء أن تغرق ، وإن حملتها على الظّهر أن تتعب ، فما تشير عليّ في أمرها ؟ فقلت له : أشير عليك أن تأخذ بها سفتجةً
206 -
قال محمد بن حرب الهلالي : أتيت بمزبدٍ في تهمةٍ ، فضربته سبعين درّةً ، ثمّ تبيّن لي أنّه كان مظلوماً ، فدعوته ، وقلت : أحلنّي منها ، فقال : لا تعجل ، ودعها لي عندك ، فإنّي أجيء إليك كثيراً ، فكلّما وجب عليّ شيءٌ قاصصتني عليها
فكنت أوتى به في الشيء الذي يجب عليه فيه التقويم ، فأحاسبه على العشرة منها وعلى الخمسة ، حتى استوفى
207 -
قال الحسين بن فهم : كان المرتمي - مضحك الرّشيد - يأكل قبل طلوع الشمس ، فقيل له : لو انتظرت حتى تطلع الشمس ! فقال : لعنني الله إن انتظرت غائباً من وراء سمرقند ، لا أدري ما يحدث عليه في الطريق
208 -
قال أبو العيناء : دفع الجمّاز إلى غسّال ثياباً ، فدفع إليه
أقصر منها ، فطالبه ، فقال : لمّا غسلت تشمّرت
قال : ففي كم غسلةٍ يصير القميص زنقاً
209 -
نزل عيارٌ في شاروفة الدّار فانقطعت ، فوقع ، فانكسرت رجله ؛ فصاحت المرأة : خذوه ؛ فقال لها : ما عليك عجلةٌ ، أنا عندك اليوم وغداً وبعده
210 -
قال سليمان الأعمش لابنه : اذهب فاشتر لنا حبلاً يكون طوله ثلاثين ذراعاً ، فقال : يا أبةِ ! في عرض كم ؟ قالك في عرض مصيبتي فيك
211 -
قيل لجمّير : من يحضر مائدة فلانٍ ؟ فقال : أكرم الخلق وألأمهم ، يعني : الملائكة والذباب
212 -
رأى منصورٌ الفقيه ابنه يلعب ويعدو ، فقال له : لو علمت أنّ رجلك من قلب أبيك لرفقت بها
213 -
جاء شاعران إلى بعض النّحاة ، فقالا : اسمع شعرنا
وأخبرنا بأجودنا ؛ فسمع شعر أحدهما ، وقال : ذاك أجود ؛ قال له : فما سمعت شعره ! ؟ ما يكون أنحس من هذا قطّ
214 -
دخل قومٌ من بني تيم الله على مجنون من بني أسدٍ ، فأكثروا العبث به ، فقال لهم : يا بني تيم الله ! ما أعلم قوماً خيراً منكم
قالوا : كيف ؟ قال : بنو أسدٍ ليس فيهم مجنونٌ غيري ، قد قيّدوني ؛ وأنتم كلّكم مجانين ، وليس فيكم مقيّدٌ
215 -
قال سعيد بن حفص المدينيّ : قال أبي : أتي المأمون بأسود قد ادّعى النبّوة ، وقال : أنا موسى بن عمران ! فقال له : إنّ موسى أخرج يده من جيبه بيضاء ، فأخرج يدك بيضاء حتى أؤمن بك ! فقال الأسود : إنّما فعل موسى ذلك لمّا قال فرعون : أنا ربّكم الأعلى ! فقل أنت كما قال حتى أخرج يدي بيضاء ، وإلاّ لم تبيضّ
216 -
سقي رجلٌ ماءً بارداً ، ثمّ عاد فطلب ، فسقي ماءً حارّاً ، فقال : لعلّ مزمّلتكم يعتريها حمى الرّبع
217 -
قال الحسن بن موسى : أضاف رجلٌ رجلاً ، فقال المضيف : يا جاريةُ ! هاتِ خبزاً وما رزق الله ؛ فجاءت بخبزٍ وكامخٍ ؛ ثمّ قال أيضاً : يا جاريةُ ! هات خبزاً وما رزق الله ؛ فجاءت
بخبزٍ وكامخٍ ؛ فقال الضيف : يا جارية ! هات خبزاً ودعي ما رزق الله
218 -
قال الماجشون : كان بالمدينة عطّاران يهوديّان ، فأسلم أحدهما وخرج فنزل العراق ، فالتقيا ذات يوم ، فقال اليهودي للمسلم : كيف رأيت دين الإسلام ؟ قال : خير دين ، إلاّ أنّهم لا يدعونا نفسو في الصلاة كما كنّا نصنع ونحن يهودٌ ! فقال له اليهودي : ويلك ! افس وهم لا يعلمون ! . 219 - قال ابن الأعرابي : قيل لكذّاب : تذكر أنّك صدقت قطّ ؟ فقال : لولا أني أخاف أن أصدق لقلت : نعم
220 -
قال عبد الله بن أحمد المقرئ : صلى بنا إمامٌ لنا وكان شيخاً صالحاً ، وقد اشترى سطلاً ، فاستحيا أن يجعله قدّامه في الصلاة ، فجعله خلفه ، فلمّا ركع شغل قلبه به ، فظن أنّه قد سرق ، فرفع رأسه ، فقال : ربنّا ولك السطل ! فقلت له : السطل خلفك ، لا بأس
221 -
سمع يزيد بن أبي حبيبٍ رجلاً يقول : جئت من أسفل الأرض ! فقال : كيف تركت قارون ؟
222 -
عن أبي حميدٍ أو حميدٍ ، قال : مرض مولى لسعيد بن
العاص ، فبعث إلى سعيد بن العاص أنّه ليس له وارثٌ غيرك ، وههنا ثلاثون ألفاً مدفونةٌ ، فإذا أنا مت فخذها ؛ فقال سعيدٌ : ما أرانا إلا قد قصّرنا في حقه ، وهو من شيوخ موالينا ؛ فبعث إليه بفرسٍ ، وتعاهده ، فلمّا مات اشترى له كفناً بثلاثِ مئة درهم ، وشهد جنازته ، فلمّا رجع إلى البيت ، وردّ الباب ، وأمر أن يحفر الموضع الذي ذكر ، فلم يوجد شيءٌ ، ثمّ حفر موضعٌ آخر فلم يوجد شيءٌ ، فحفر البيت كلّه فلم يوجد شيءٌ ، وجاءه صاحب الكفن يطلب ثمن الكفن ، فقال : لقد هممت أن أنبش عنه
لما تداخله
223 -
قال علي بن عاصم : تنبّأ حائكٌ بالكوفة ، فاجتمع عليه الناس ، فقالوا : أتق الله ، خف الله ، رأيت حائك نبيّ ؟ قال : ما تريدون أن يكون نبيّكم إلا صيرفيّ

القسم الرابع فيما يروى من ذلك عن العرب 224 - قال الأصمعي : كان أعرابيّان متواخيين بالبادية ، فاستوطن أحدهما الريف ، واختلف إلى باب الحجّاج ، فاستعمله على أصبهان ، فسمع أخوه الذي بالبادية ، فضرب إليه ، فأقام ببابه حيناً لا يصل إليه ، ثمّ أذن له بالدّخول ، فأخذه الحاجب ، فمشى به ، هو يقول : سلّم على الأمير ؛ فلم يلتفت إلى قوله ، وأنشد : ( ولست مسلّماً ما دمت حيّا ** على زيدٍ بتسليم الأمير ) فقال : لا أبالي ؛ فقال الأعرابي : ( أتذكر إذ لحافك جلد كبشٍ ** وإذ نعلاك من جلد البعير ) فقال : نعم ، فقال الأعرابي : ( فسبحان الذي أعطاك ملكاً ** وعلمك الجلوس على السرير ) 225 - قال الأصمعي : أتيت البادية ، فإذا أعرابيّ قد زرع برّاً ، فلمّا استوى وقام على سنبله ، مرّ به رجلٌ من جرادٍ ، وتضيّفوا به ، فجعل الأعرابي ينظر إليه ولا حيلة له ، فأنشأ يقول :
(
مر الجراد على زرعي فقلت له ** ألمم بخيرٍ ولا تلمم بإفساد ) ( فقال منهم عظيمٌ فوق سنبلةٍ ** إنّا على على سفرٍ لا بد من زاد ) 226 - قال إبراهيم بن عمر : خرج أبو نواس في أيّام العشر يريد شراءَ أضحيةٍ ، فلمّا صار في المربد إذا هو بأعرابي قد أدخل شاةً له يقدمها كبشٌ فارهٌ ، فقال : لأجرِّبنّ هذا الأعرابي فأنظر ما عنده ، فإني أظنّه عاقلاً ؛ فقال أبو نواسٍ : ( أيا صاحب الشّاة الّتي قد تسوقها ** بكم ذاكم الكبش الذي قد تقدّما ) فقال الأعرابيّ : ( أبيعكه إن كنت ممّن يريده ** ولم تكُ مزّاحاً بعشرين درهما ) فقال أبو نواسٍ : ( أجدت رعاك الله ردَّ جوابنا ** فأحسن إلينا إن أردت التّكرما ) فقال الأعرابي : ( أحطُّ من العشرين خمساً فإننّي ** أراك ظريفاً فأقبضنه مسلماً ) قال : فدفع إليه خمسة عشر درهماً ، وأخذ كبشاً يساوي ثلاثين درهماً
227 -
قال أبو جعفرٍ محمد بن عبد الرحمن البصري : حدّثني ابن عائشة أنّ فتيان من فتيان أهل البصرة خرجوا إلى ظهر البصرة ،
فأخذوا في شرابهم ، وما زالوا يتناشدون ويتنادمون ويتحدّثون حتى كربت الشمس أن تغرب ، فطلبوا خلوةً ممّن يغلُ عليهم في شرابهم ، فإذا أعرابيٌ كالنّجم المنقض يهوي حتى جلس بينهم ، فقال بعضهم لبعض : قد علمنا أنّ مثل هذا اليوم لا يتم لنا ؛ ثمّ قال أحدهم : ( أيها الواغل الثّقيل علينا ** حين طاب الحديث لي ولصحبي ) فقال الآخر : ( خفَّ عنّا فأنت أثقل واللّه ** علينا من فرسخي دير كعب ) فقال الثالث : ( فمن النّاس من يخف ومنهم ** كرحى البزر ركبت فوق قلب ) فقال الأعرابي : ( لست بالنّازح العشيّة والله ** لشجِّ ولا لشدَّةِ ضرب أو تروون بالكبار حشاشي ** وتعلّون بعدهن بقعبي ) وطرح قعباً كان معلّقاً ؛ فضحكوا من ظرفهِ ، وحملوه معهم إلى البصرة ، فلم يزل نديماً لهم
228 -
قال العتبيّ : اشتدّ الحرُّ عندنا بالبصرة وركدت الرّيح ، فقيل لأعرابيّ : كيف كان هواؤكم البارحة ؟ قال : أمسك ! كأنّه يسمع

229 -
قال ابن الأعرابي : قال رجلٌ من الأعراب لأخيه : تشرب الخازر من اللبن ولا تتنحنح ؟ فقال : نعم ؛ فتجاعلا جعلاً ، فلمّا شربه آذاه ؛ فقال : كبشٌ أملحُ ، وبيت أفيح ، وأنَا فيه أتبحبح
فقال له أخوه : قد تنحنحت ! فقال : من تنحنح فلا أفلح
230 -
قال إبراهيم بن المنذر الحزاميّ : قدم أعرابيُّ من أهل البادية على رجلٍ من أهل الحضر ، فأنزله ، وكان عنده دجاجٌ كثيرٌ ، وله امرأة وابنان وبنتان
قال : فقلت لامرأتي : اشوي دجاجةٌ وقدميها إلينا نتغدى بها ؛ وجلسنا جميعاً ، ودفعنا إليه الدجاجة ، فقلنا : اقسمها بيننا ؛ نريد بذلك أن نضحك منه ، قال : لا أحسن القسمة ، فإن رضيتم بقسمتي قسمت بينكم ؛ قلنا : نرضى ؛ فأخذ رأس الدجاجة ، فقطعه ، فناولينه ، وقال : الرّأس للرئيس ؛ ثمّ قطع الجناحين ، وقال : الجناحان للابنين ؛ ثمّ قطع السّاقين ، وقال : الساقان للابنتين ؛ ثمّ قطع الزّمكّى ، وقال : العجز للعجوز ؛ ثمّ قال : والزّور للزائر ؛ فلمّا كان من الغد ، قلت لامرأتي : اشوي لي خمس دجاجاتٍ ؛ فلمّا حضر الغداء ، قلنا : اقسم بيننا ؛ قال : شفعاً أو وتراً ؟ قلنا : وتراً ، قال : أنت وامرأتك ودجاجةٌ ثلاثةٌ ؛ ثمّ رمى بدجاجةٍ ، وقال : وابناك ودجاجةٌ ثلاثةٌ ؛ ورمى إليهما بدجاجةٍ ، وقال : وابنتاك ودجاجةٌ ثلاثةٌ ؛ ثمّ قال : وأنا ودجاجتان ثلاثةٌ ؛ فأخذ الدجاجتين ؛ فرآنا ننظر إلى دجاجتيه فقال : لعلّكم كرهتم قسمتي الوتر ؟ قلنا : اقسمها شفعاً ؛ فقبضهن إليه ، ثمّ قال : أنت وابناك
ودجاجةٌ أربعةٌ ؛ ورمى إلينا دجاجةٌ ، ثمّ قال : والعجوز وابنتاها ودجاجةٌ أربعة ؛ ورمى إليهنّ دجاجةٌ ، ثم قال : وأنا وثلاث دجاجات أربعةٌ ؛ وضم ثلاث دجاجاتٍ ، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال : الحمد لله ، أنت فهّمتنيها
231 -
قال الشعبيّ : قال عمرو بن معدي كرب : خرجت يوماً حتى انتهيت إلى حي ، فإذا بفرسٍ مشدودةٍ ورمحٍ مركوز ، وإذا صاحبه في وهدةٍ يقضي حاجة له ، فقلت له : خذ حذرك ؛ فإني قاتلك ؛ قال : ومن أنت ؟ قلت : أنا ابن معدي كرب ؛ قال : يا أبا ثور ! ما أنصفتني ؛ أنت على ظهر فرسك وأنا في بئرٍ ! فأعطني عهداً أنّك لا تقتلني حتى أركب فرسي وآخذ حذري ؛ فأعطيته عهداً أني لا أقتله حتى يركب فرسه ويأخذ حذره ؛ فخرج من الموضع الذي كان فيه حتى احتبى بسيفه وجلس ؛ فقلت له : ما هذا ! ؟ قال : ما أنا براكبٍ فرسي ، ولا مقاتلك ! فإن نكثت عهداً فأنت أعلم ؛ فتركته ومضيت ؛ فهذا أحيل من رأيت
232 -
قال قحذمٌ : وجد في سجن الحجّاج ثلاثةٌ وثلاثون ألفاً ، ما يجب على أحدٍ منهم قطعٌ ولا قتلٌ ولا صلبٌ ، وأخذ فيهم أعرابيٌّ رئي جالساً يبول عند ربط مدينة واسط ، فخلّي عنهم ، فانصرف الأعرابي وهو يقول : ( إذا نحن جاوزنا مدينة واسطٍ ** خرينا وصلّينا بغير حساب ) 233 - سمع أعرابيٌّ رجلاً يروي عن ابن عباس أنّه قال : من نوى الحجّ وعاقه عائقٌ كتب له الحجّ ؛ فقال الأعرابي : ما وقع العام كراءٌ أرخص من هذا !
234 -
استأذن حاجب بن زرارة على كسرى ، فقال له الحاجب : من أنت ؟ فقال : رجلٌ من العرب ؛ فأذن له ، فلمّا وقف بين يديه ، قال : من أنت ؟ قال : سيد العرب ؛ قال : ألم تقل للحاجب أنا رجلٌ منهم ؟ قال : بلى ! ولكني وقفت بباب الملك وأنا رجلٌ منهم ، فلمّا وصلت إليه سدتهم ؛ فقال كسرى : زه ! احشوا فاه درّاً
235 -
نزل أعرابي في سفينةٍ ، فاحتاج إلى البراز ، فصاح : الصلاة الصلاة ؛ فقربوا إلى الشطّ ، فخرج ، فقضى حاجته ، ثم رجع ، فقال : ادفعوا ، فعليكم بعد وقتٌ
236 -
قال مهدي بن سابقٍ : أقبل أعرابيٌّ يريد رجلاً ، وبين يدي الرّجل طبقٌ فيه تينٌ ، فلمّا أبصر الأعرابي غطى التين بكساءٍ كان عليه والأعرابي يلاحظه ، فجلس بين يديه ، فقال له الرّجل : هل تحسن من القرآن شيئاً ؟ قال : نعم ؛ قال : فأقرأ ؛ فقرأ الأعرابي : ! ( والزيتون وطور سينين ) ! [ 95 سورة التين / الآيتان : 1 و 2 ] قال الرجل : فأين ! ( التين ) ! ؟ قال : تحت كسائك
237 -
قيل لأعرابي : كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت وأرى كلّ شيءٍ مني في إدبارٍ ، وإدباري في إقبال
238 -
اشترى أعرابيٌّ غلاماً ، فقيل له : إنّه يبول في الفراش ؛ فقال : إن وجد فراشاً فليبل فيه

239 -
نظر أعرابيٌ إلى البدر في رمضان ، فقال : سمنت وأهزلتني ، أراني فيك السّلّ
240 -
قيل لبعضهم : أيّ وقتٍ تحبّ أن تموت ؟ قال : إن كان ولا بد ، فأوّل يوم من رمضان
241 -
قال رجلٌ لرجلٍ : ممّن أنت ؟ قال : من العرب ، من بني تميم
قال : من أكثرها أو من أقلها ؟ قال : من أقلها . يشير إلى قوله تعالى : ! ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ) ! [ 49 سورة الحجرات / الآية : 4 ]
242 -
قال الأصمعي : حدّثني شيخٌ من بني العنبر ، قال : أسر بنو شيبان رجلاً من بني العنبر ، فقال لهم : أرسلوا إلى أهلي ليفدوني ؟ قالوا : ولا تكلم الرسول إلا بين أيدينا ؛ فجاءوه برسولٍ ، فقال له : ائتِ قومي ، فقل لهم : إن الشجر قد أورق ، وإنّ النساء قد اشتكت ؛ ثمّ قال له : أتعقل ؟ قال : نعم ، أعقل ؛ قال : فما هذا ؟ وأشار بيده إلى الليل ؛ فقال : هذا الليل ؛ قال : أراك تعقل ، انطلق فقل لأهلي : عرّوا جملي الأصهب ، واركبوا ناقتي الحمراء ، وسلوا حارثة عن أمري ؛ فأتاهم الرسول ، فأرسلوا إلى حارثة ، فقص عليه القصة
فلمّا خلا معهم ، قال : أما قوله : إن الشجر قد أورق ؛ فإنه : إن القوم قد تسلحوا ؛ وقوله : إن النساء قد اشتكت ؛ فإنه يريد : إنها قد اتخذت
الشكاء للغزو ، وهي أسقيةٌ ، وقوله : هذا الليل ؛ يريد : يأتونكم مثل الليل أو في الليل ؛ وقوله : عروا جملي الأصهب ؛ يريد : ارتحلوا عن الصمان ؛ وقوله : واركبوا ناقتي ؛ يريد : اركبوا الدّهناء
فلمّا قال لهم ذلك تحولوا من مكانهم ، فأتاهم القوم ، فلم يجدوهم
243 -
قال ابن الأعرابي : أسرت طيىء رجلاً شاباً من العرب ، فقدم عليه أبوه وعمّه ليفدياه ، فاشتطوا عليهما في الفداء ، وبذلاً ما لم يرضوا ، فقال أبوه : لا والذي جعل الفرقدين يصبحان ويمسيان على جبلي طيىءٍ لا أزيدكم على ما أعطيتكم ؛ ثمّ انصرفا ، فقال الأب للعم : لقد ألقيت إلى ابني كلمةٌ إن كان فيه خيرٌ لينجونّ ؛ فما لبث أن نجا ، وطرد قطعةً من إبلهم ، كأنّه قال له : الزم الفرقدين على جبلي طيىءٍ ، فإنّهما طالعان عليه ، ولا يغيبان عنه
244 -
قال عيسى بن عمر : ولي أعرابيٌ البحرين ، فجمع يهودها ، فقال : ما تقولون في عيسى بن مريم ؟ قالوا : نحن قتلناه وصلبناه ؛ قال : فوالله لا تخرجون حتى تؤدوا ديته ؛ فأخذها منهم
245 -
وولي أعرابيٌّ تبالة ، فصعد المنبر ، فقال : إنّ الأمير ولاّني
بلدكم ، وإني والله ما أعرف من الحق موضع سوطي ، ولا أوتى بظالم ولا مظلومٍ إلا أوجعتهما ضرباً ، فكانوا يتعاطون الحق بينهم ولا يترافعون إليه
246 -
قال نصرٌ بن سيار : قلت لأعرابي : هل أتخمت قط ؟ فقال : أمّا من طعامك وطعام أبيك فلا
فيقال : إن نصراً حم من هذا الجواب أياّماً
247 -
سافر أعرابيٌّ في وجهٍ فلم ينجح ، فقال : ما ربحنا في سفرنا إلا قصر الصلاة
248 -
كان عامر بن ذهلٍ من أشد الناس قوةً ، فأسن وأقعد ، فاستهزأ به شبابٌ من قومه وضحكوا منه ، فقال : إني ضعيف ، فادنوا مني ، فاحملوني ؛ فدنوا منه ليحملوه ، فضمَّ رجلين إلى إبطه ، ورجلين بين فخذيه ، ثمّ زجر بعيره ، فنهض بهم مسرعاً ، فقال : بني أخيّ ! أرجلكم والعرفط ؛ فأرسلها مثلاً

القسم الخامس
ما يروي عن العوام ) 249 - عن محمد بن سلام ، قال : لقي روح بن حاتم بعض الحروب ، فقال لأبي دلامة وقد دعا رجلٌ منهم إلى البراز : تقدم إليه ؛ قال : لست بصاحب قتالٍ ؛ قال : لتفعلنّ ؛ قال : إني جائعٌ ، فأطعمني ؛ فدفع إليه خبزاً ولحماً ؛ وتقدّم ، فهمّ به الرجّل ، فقال له أبو دلامة : اصبر يا هذا ، أيّ محاربٍ تراني ؟ ثمّ قال : أتعرفني ؟ قال : لا ؛ قال : فهل أعرفك ؟ قال : لا ! قال : فما في الدنيا أحمق منّا ؛ ودعاه للغداء ، فتغدّيا جميعاً وافترقا ، فسأل روحٌ عما فعل ، فحدّث ، وضحك ، ودعا له ، فسأله عن القصة ، فقال : ( إنّي أعوذ بروحٍ أن يقدّمني ** إلى القتال فتخزى بي بنو أسد آل المهلّب حبُّ الموت ورثكم ** إذ لا أورث حبَّ الموتِ عن أحد ) 250 - قال أبو العبّاس ثعلب : لمّا ماتت حمادةُ بنت عيسى امرأة المنصور ، وقف المنصور والنّاس معه على حفرتها ينتظرون مجيء الجنازة وأبو دلامة فيه ، فأقبل عليه المنصور ، فقال : يا أبا دلامة ! ما أعددت لهذا المصرع ؟ قال : حمادة بنت عيسى يا أمير المؤمنين ؛ قال : فأضحك القوم

قال العتّابي : دخل أبو دلامة على المهديّ ، فقال : أقطعني قطيعةً أعيش فيها أنا وعيالي ؛ قال : قد أقطعك أميرالمؤمنين مئة جريبٍ من العامر ومئة جريبٍ من الغامر ؛ قال : وما الغامر ؟ قال : الخراب الذي لا ينبت ؛ قال أبو دلامة : قد أقطعت أمير المؤمنين خمس مئة جريبٍ من الغامر من أرض بني أسدٍ ؛ قال : فهل بقي لك حاجةٌ ؟ قال : نعم ! تأذن لي أن أقبل يدك ؟ قال : ما إلى ذلك سبيلٌ ؛ قال : والله ما رددتني عن حاجةٍ أهون عليّ فقداً منها
252 -
وبلغنا عن أبي دلامةً أنّه دخل على المهدي ، فأنشده قصيدةً ، فقال له : سلني حاجتك ؛ فقال : يا أمير المؤمنين ! هب لي كلباً ؛ فغضب ، وقال : أقول لك سلني حاجةً ، فتقول هب لي كلباً ؟ ! ! ! فقال : يا أمير المؤمنين ! الحاجة لي أو لك ؟ قال : لك ؛ فقال : أسألك أن تهب لي كلب صيدٍ ؛ فأمر له بكلبٍ ؛ قال : يا أمير المؤمنين ! هبني خرجت إلى الصيد ، أعدو على رجليّ ؟ فأمر له بدابّةٍ ؛ فقال : فمن يقوم عليها ؟ فأمر له بغلام ، فقال : يا أمير المؤمنين ! فهبني صدت صيداً ، فأتيت به المنزل ، فمن يطبخه ؟ فأمر له بجاريةٍ ، فقال : هؤلاء أين يبيتون ؟ فأمر له بدارٍ ، فقال : يا أمير المؤمنين ! قد صيّرت في عنقي كفاً من العيال ، فمن أين يقوت هؤلاء ؟ قال : فإن أمير المؤمنين قد أقطعك ألف جريبٍ عامرٍ وألف جريبٍ غامرٍ ؛ فقال : أمّا العامر فقد عرفته ، فما الغامر ؟ قال : الخراب الذي لا شيء فيه ؛ فقال : أنا أقطع أمير المؤمنين مئة ألف جريبٍ بالدّوّ ، ولكنّي أسأل أمير
المؤمنين جريباً واحداً عامراً ؛ قال : من أين ؟ قال : من بيت المال ؛ فقال المهديّ : حولوا المال وأعطوه جريباً ؛ فقال : يا أمير المؤمنين ! إذا حول منه المال صار غامراً ؛ فضحك منه وأرضاه
253 -
قال العنزيّ : أنشد رجلٌ أبا عثمان المازنيّ شعراً له ، فقال : كيف تراه ؟ قال : أراك قد عملت عملاً بإخراج هذا من جوفك ، لأنّك لو تركته لأورثك السل
254 -
قال أبو سعيد عبد الله بن شبيبٍ : حدّثني الزبير ، قال : كانت أمّ سلمة بنت يعقوب بن سلمة بعد موت أمير المؤمنين أبي العباس لا تضحك ، فأنشدها مرثيةً رثاه بها ، فقالت : ما وجدت أحداً حزن على أمير المؤمنين حزني وحزنك ! فقال : لا سواء رحمك الله ، لك منه ولدٌ وليس لي منه ولدٌ ! فضحكت وقالت : لو أحدث الشيطان لأضحكته
255 -
قال مالك بن أنسٍ : لهؤلاء الشّطَّار ملاحةٌ ، كان أحدهم يصلي خلف إنسانٍ ، فقرأ الإنسان ! ( الحمد لله رب العالمين ) ! حتى فرغ منها ، ثمّ أرتج عليه ، فجعل يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ؛ وجعل يردد ذلك ، فقال الشَّاطر : ليس للشّيطان ذنبٌ إلا أنّك لا تحسن تقرأ

256 -
قال الحميدي : كنّا عند سفيان بن عيينة ، فحدّثنا بحديث زمزم أنّه لما شرب له ، فقام رجلٌ من المجلس ، ثمّ عاد ، فقال له : يا أبا محمدٍ ! أليس الحديث الذي حدثتنا في زمزم صحيحاً ؟ فقال : نعم ، قال : فإني قد شربت الآن دلواً من زمزم على أنّك تحدّثني بمئة حديثٍ ، فقال سفيان : اقعد ؛ فحدّثه بمئة حديثٍ
257 -
قال أبو أحمد عبد الله بن عمر بن الحارث الحارثي : اجتزت ببغداد في أيّام المقتدر وأنّا حدثٌ في جماعةٍ من مجّان أصحاب الحديث ، وإذا بخادم خصي جالس على دكةٍ في الطريق ، وبين يديه أدويةٌ ومكاحل ومباضع ، وعلى رأسه مظلة خرقٍ كما يكون الطبيب ، فتقدّم بعض أصحابنا إليه يعبث به ، فتعاشى وتماوت وتمارض وقال : يا أستاذ ! يا أستاذ ! دفعاتٍ ؛ فضجر الخادم ، وقال : فقولي ، لا شفاك الله ؛ إيش أصابك ؟ أيّ طاعونٍ ضربك ؟ فقال : يا أستاذ ! أجد ظلمةً في أحشائي ، ومغصاً في أطراف شعري ، وما آكله اليوم يخرج غداً مثل الجيفة ؛ فصف لي صفةً لما أنا فيه ؛ فقال الخادم : أمّا ما تجدين من مغصٍ في أطراف شعرك فاحلقي لحيتك ورأسك جميعاً حتى يذهب مغصك ، وأمّا ظلمةٌ في أحشائك فعلّقي على باب جحرك قنديلاً يضيءٌ مثل السّاباط ، وأمّا ما تأكلينه اليوم ويخرج غداً مثل الجيفة فكلي خراك واربحي النفقة
قال : فعطعط بنا العامّة القيام وضحكوا منّا ، وانقلب الطنز الذي
أردنا بالخادم ، فصار طنزاً بنا ، فصار قصارنا الهرب ، فهربنا
258 -
قال عمر بن شبة : أتي معن بن زائدة بثلاث مئة أسير ، فأمر بضرب أعناقهم ، فقدّم غلامٌ منهم ليقتل ، فقال : يا معن ! لا يقتل أسراك وهم عطاشٌ ! فقال : اسقوهم ماءٌ ؛ فلمّا شربوا ، قام الغلام ، فقال : أيها الأمير ! لا تقتل أضيافك ! فأطلقهم كلّهم
259 -
قال محمد بن إسماعيل بن أبي فديك : كان عندنا رجلٌ يكنى أبا نصرٍ ، من جهينة ، ذاهب العقل في غير ما النّاس فيه ، يجلس مع أهل الصّفّة في آخر مسجد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فأتيته يوماً ، فقلت : ما الشرف ؟ قال : حمل ما ناب العشيرة ، والقبول من محسنها ، والتّجاوز عن مسيئها ؛ قلت : ما المروءة ؟ قال : إطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، وتوقّي الأدناس ؛ قلت : ما السخاء ؟ قال : جهد مقل ؛ قلت : فما البخل ؟ قال : أف ؛ وحول وجهه عني ؛ قلت : أجبني ! قال : قد أجبتك
260 -
قال أبو بكر بن شاذان : بكر إبراهيم بن محمدٍ بن عرفة نفطويه يوماً إلى درب الرّآسين ، فلم يعرف الموضع ، فتقدم إلى رجلٍ يبيع البقل ، فقال له : أيّها الشيخ ! كيف الطريق إلى درب الرّآسين ؟ فالتفت البقلي إلى جار له ، وقال : يا فلان ! ألا ترى إلى الغلام ! فعل الله به وصنع ، قد احتبس عليّ ! فقال : وما الذي تريد منه ؟ قال : لم يبادر فيجبني بالسّلق ، بأيّ شيءٍ أصفع هذا الخبيث ؟ لا يكنّي
قال : فتركه ابن عرفة وانصرف من غير أن يجيبه بشيءٍ

261 -
قال أبو علقمة النحوي : وقفت على قصابٍ وقد أخرج بطنين سمينين ، فعلّقهما ، فقلت : بكم البطنان ؟ فقال : بمصفعان يا مضرطان ؛ قال : فغطيت رأسي وفررت لئلا يسمع النّاس فيضحكوا مني
262 -
قال الكسائي : حلفت أن لا أكلم عامياً إلا بما يوافقه ويشبه كلامه ؛ وقفت على نجار ، فقلت : بكم هذان البابان ؟ فقال : بسلحتان يا مصفعان ؛ فحلفت أن لا أكلم عاميّاً إلا بما يصلح
263 -
قال بشر بن حجرٍ : انقطع إلى أبي علقمة غلامٌ يخدمه ، فأراد أبو علقمة البكور في حاجةٍ ، فقال : يا غلام ! أصقعت العتاريف ؟ فقال له الغلام : زقفيلم ؛ قال أبو علقمة : وما ( زقفيلم ) ؟ قال : وما ( العتاريف ) ؟ قال : الدّيوك ، قال : ما صاح منها شيءٌ بعد
264 -
قال جعفر بن نصرٍ : بينما أبو علقمة النحوي في طريق ، ثار به مرارٌ ، فسقط ، فظنّ من رآه أنه مجنون ، فأقبل رجلٌ يعضُّ أذنه ويؤذن فيها ، فأفاق ، فنظر إلى الجماعة حوله ، فقال : ما لكم قد تكأكأتم عليَّ كما تتكأكؤون على ذي جنَّةٍ ؟ افرنقعوا عني ؟ فقال بعضهم لبعضٍ : دعوه ! فإنّ شيطانه يتكلّم بالهندية

265 -
وقال عبد الله بن مسلمٍ : دخل أبو علقمة النّحوي على أعين الطبيب ، فقال له : أمتع الله بك ، إنّي أكلت من لحوم هذه الجوازل ، فطسأت طسأة ، فأصابني وجعٌ من الوالبة إلى دأية العنق ، فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الخلب والشراسيف ، فهل عندك دواء ؟ فقال أعين : خذ حرقفاً وسلقفاً ، فزهزقه وزقزقه ، واغسله بماء روثٍ واشربه ؛ فقال أبو علقمة : لم أفهم عنك ! فقال أعين : أفهمتك كما أفهمتني
266 -
قال صالح بن شابور : كان محمد بن الحسن الجرجاني يتقعّر ويطلب التّعمق في الكلام مع كل أحدٍ ، فدخل الحمّام يوماً ، فقال للقيم : أين الحديدة التي يمتلخ بها الطوطوة من الأخفيق ؟ فصفع القيم قفاه بجلد النّورة وهرب ، فلمّا انصرف من الحمام ، أنفذ من حمله إلى صاحب الشرطة ، فحبس ، فكتب إليه من الحبس : أيّها الأستاذ ! قد أبرمني المحبسون بالمسألة عن السبب الذي حبست له ؛ فإمّا أطلقتني وإمّا أعرفهم ؛ فبعث من أطلقه ، فاتّصل الخبر بالفتح ، فحدّث المتوكل ، فضحك ضحكاً عجيباً ، وقال : هذا والله ظريفٌ مليحٌ ، يجب أن نغنيه عن الخدمة في الحمّام ؛ فوهب له مئتي دينار
267 -
عن عليّ بن المحسن التنوخيّ ، عن أبيه ، قال : كان أبو
جعفر الحسني من أهل البدو ، وكان يعترض الحجّاج ، فيطالبهم بالخفارة ، وكان رجلٌ يعرف بأبي الحسن بن شاذان السيرافي يظهر الإسلام ، فإذا أمن كاشف بالإلحاد ، وكان خليعاً ماجناً
فحجّ بعض الأمراء ، فأظهر ابن شاذان أنّه يريد الحجٌ ، فاعترض القافلة أبو جعفر الحسنيُّ ، فقال أبو الحسن لأمير الحاج : أنفذني إليه ؛ قال : أي شيءٍ تقول له ؟ قال : أقول له : نحن قومٌ من فارس وغيرها ، لا نسب لنا في العرب ولا رغبةَ ، جاء أبوك إلينا ، فضرب أدمغتنا ، وقال : حجوا هذا البيت ، فأطعناه ، وجئنا ؛ وجئت أنت تمنعنا ، فإن كان قد بدا لكم ، فالله قد أقالكم ؛ فضحك الأمير وبعث غيره
268 -
مدح رجلٌ رجلاً اسمه يسيرٌ ، فقال : ( ومدح يسيرٍ في البلاد يسيرُ ** ) فقيل له : إنّه لا يعطيك شيئاً ، فقال : إذا لم يعطني قلت بيدي هكذا ؛ وضمّ أصابعه ؛ يعني : إنّه قليلٌ
269 -
دخل رجلٌ على الصاحب بن عباد ، فقال له الصّاحب : ما الكنية ؟ فقال الرّجل : ( وتتّفق الأسماء في اللّفظ والكنى ** كثيراً ولكن لا تلاقي الخلائق ) 270 - قال إسحاق بن إبراهيم الموصلي : دخل مطيع بن إيّاس ويحيى بن زيادٍ على حمّاد الرّاوية ، فإذا سراجه على ثلاث قصباتٍ ،
قد جمع أعلاهن وأسفلهنّ بطينٍ ، فقال يحيى : يا حمّاد ! إنّك لمسرفٌ مبتذلٌ لحرّ المتاع ، فقال له مطيعٌ : ألا تبيع هذه المنارة وتشتري أقل ثمناً منها ، وتنفق علينا وعلى نفسك الباقي ؟ فقال له يحيى : ما أحسن ظنّك به ! ومن أين له مثل هذه المنارة ؟ هذه وديعةٌ أو عاريةٌ ؛ فقال مطيعٌ : إنّه لعظيم الأمانة عند الناس ! قال يحيى : وعلى عظم أمانته ، ما أجهل من يخرج هذه من داره ويأمن عليها غيره ؛ فقال مطيعٌ : ما أظنها عاريةً ولا وديعةً ، ولكني أظنها مرهونةً عنده على مالٍ ، وإلا فمن يخرج مثل هذه من بيته ؟ فقال حمادٌ : شرٌّ منكما من يدخلكما إلى بيته
271 -
قال أبو عبد الله ابن الأعرابي : كنت جالساً بالكوفة ، فرأيت أعمى قد وقف بنخاس ، فقال : يا نخّاس ! أطلب لي حماراً ليس بالكبير المشتهر ، ولا الصغير المحتقر ؛ إن خلا الطريق تدفق ، وإن كثر الزحام ترفق ؛ لا يصادم بي السواري ، ولا يدخلني تحت البواري ؛ إذا أقللت علفه صبر ، وإذا أكثرته له شكر ؛ إن ركبته هام ، وإن ركبه غيري قام ؛ قال له النّخّاس : يا عبد الله ! إن مسخ القاضي حماراً ظفرت بحاجتك
272 -
قال مجالدٌ : قال الشعبيّ : اخرج بنا نخلو ؛ فخرجنا إلى الصحراء ، فمرّ به عبادي ، فقال له الشعبي : إيش تعالج ؟ قال : الرفو ؛ فقال له : عندي دنّ مشقوق ، ترفوه لي ؟ فقال : إن
جئتني بخيوطٍ من ريحٍ رفوت لك رفواً لا يرى
273 -
سمع ابن الأعرابي رجلاً يقول : أتوسل إليكم بعليّ ومعاوية ، فقال : جمعت بين ساكنين
274 -
جاز أبو بكر ابن قانع بالكرخ في أيّام الدّيلم وقوة الرفض ، فقالت له امرأةٌ : سيّدي أبو بكر ! فقال لها : لبّيك يا عائشة ! فقالت : كأنّ اسمي عائشة ! قال : فيقتلوني وحدي ! ؟ 275 - قيل لرجلٍ ركب في البحر : ما أعجب ما رأيت ؟ قال : سلامتي
276 -
نظر رجلٌ إلى أخوين لأب وأمٌ ، أحدهما جميلٌ والآخر قبيحٌ ، فقال : ما أمّكما إلا شجرةٌ تحمل سنةً موزاً وسنةً عفصاً
277 -
شكا ضريرٌ شدة العمى ، فقال أعورٌ : عندي نصفٌ الخبر . 278 - رأى بعضهم شيخاً قد انحنى ، فقال : يا شيخٌ ! بكم القوس ؟ فقال : إن عشت أخذته بلا شيءٍ
279 -
ورأى آخر شيخاً مسنّاً ، فقال له : يا شيخ ! من قيدك ؟ قال : الذي خلّفته يفتل قيدك

280 -
دخل أبو الحسن البتّي دار فخر الملك أبي غالبٍ فوجد ابن البوّاب الخطاط جالساً على عتبة باب ، فقال : جلوس الأستاذ على العتب رعايةٌ للنسب ؛ فغضب ابن البوّاب ، وقال : لو أن لي من أمر الدنيا شيئاً ما مكنت مثلك من الدخول ؛ فقال البتي : ما تترك صنعة الشيخ رحمه الله ! 281 - قال بكّار بن رباح : كان بمكة رجلٌ يجمع بين النساء والرجال ، ويعمل لهم الشراب ، فشكي إلى أمير مكة ، فنفاه إلى عرفاتٍ ، فبنى بها منزلاً ، وأرسل إلى حرفائه : ما يمنعكم أن تعاودوا ما كنتم فيه ؟ قالوا : وكيف وأنت بعرفات ؟ فقال : حمار بدرهمين ، وقد صرتم إلى الأمن والنّزهة ؛ فكانوا يركبون إليه ، حتى أفسد أحوال أهل مكة ، فعادوا يشكونه إلى الوالي ، فأرسل إليه ، فأتي به ، فقال : يا عدو الله ! طردتك من حرم الله فصرت بفسادك إلى المشعر الأعظم ! فقال : يكذبون عليّ ؛ فقالوا : دليلنا أن نأمر بحمير مكةّ ، فتجمع ، ويرسل بها مع أمنائك إلى عرفات ، فإن لم تقصد منزله من بين المنازل فنحن مبطلون ؛ فقال الوالي : إن هذا لشاهد ودليل ؛ فجمع الحمر ، ثم أرسلها ، فصارت إلى منزله ، فقال الأمير : ما بعد هذا شيءٌ ؛ فجرّدوه ، فلما نظر إلى السياط ، قال : لا بدّ لك من ضربني ؟ قال : نعم ، قال : والله ما عليّ في ذلك أشد من أن يضحك منا أهل العراق ، ويقولون : أهل مكة يجيزون شهادة الحمير ! فضحك الوالي
282 -
قدّم طبّاخٌ إلى بعض الفطناء طبقاً وعليه رغيفان ، ثم قال له : ما تشتهي أن أجيء به ؟ فقال : خبزٌ

283 -
تكلم بعض القصاص ، فقال : في السماء ملكٌ يقول كل يومٍ : ( لدوا للموت وابنوا للخراب ** ) فقال بعض الفطناء : اسم ذلك الملك أبو العتاهية
284 -
كان بعض الظرفاء إذا سمع أحداً يتحدث حديثاً بارداً قال : اقطع حديثك بخيرٍ
285 -
حضر في مجلس أبي سعد بن أبي عمامة رجلٌ من أهل اليمن ، فسأل أبا سعدٍ أن يطلب له شيئاً ، فطلب ، فلم يعطه أحدٌ شيئاً ، وكان مقصودهم بالامتناع أن يذكر الشيخ شيئاً يضحكون منه ، فقال أبو سعدٍ للسّائل : من أين أنت ؟ فقال : من اليمن ؛ فقال له : تكذب ! لست من اليمن ؛ قال : بلى والله ! فقال : لو كنت من اليمن لكان هؤلاء يعرفونك فيعطونك ؛ فضحك النّاس وأعطوه ؛ وكان مقصوده أنّ القرود من اليمن
286 -
قيل لبعضهم : أتحبّ أن تموت امرأتك ؟ قال : لا ، قيل : لم ؟ قال : أخاف أن أموت من الفرح
287 -
ادّعى رجلٌ النبّوّة ، فقيل له : أخرج لنا من الأرض بطيخةً ، فقال : اصبروا علىّ ثلاثة أيام ، قالوا : ما نريد إلا السّاعة ، فقال : إنّ الله تعالى يخرج البطيخة في ثلاثة أشهرٍ ، فلا تصبرون ثلاثة أيامٍ ؟ !
288 -
ادعى رجلٌ النبّوّة وزعم أنّه نوحٌ ، فصلب ، فمرّ به مجنونٌ ، فقال : يا نوح ! ما حصلت من سفينتك إلا على الدّقل
289 -
ذكر أبو يوسف القزوينيُّ أنّ رجلاً كان يقال له : هذيل بن واسع ، يزعم أنّه من ولد النّابغة الذبياني ، ادّعى النبّوة ، وزعم أن الله تعالى أوحى إليه ما يعارض به سورة الكوثر ، فقال له رجلّ : أسمعني ! فقال : إنّا أعطيناك الجواهر ، فصل لربّك وهاجر ، فما يؤذيك إلا فاجر ؛ فظهر عليه القسري ، فقتله وصلبه ، فعبر عليه الرجل ، فقال : إنّا أعطيناك العمود ، فصلّ لربّك من قعود ، بلا ركوعٍ ولا سجودٍ ، فما أراك تعود
290 -
لطم رجلٌ الأحنف بن قيسٍ ، فقال له : لم فعلت هذا ؟ قال : جعل لي جعلٌ على أن ألطم سيّد بني تميم ؛ فقال : ما صنعت شيئاً ، عليك بحارثة بن قدامة ، فإنّه سيّد بني تميمٍ ؛ فانطلق ، فلطمه ، فقطع يده ، وذاك أراد الأحنف
291 -
قال أحمد بن علي بن ثابتٍ : استعار رجلٌ من أبي حامدٍ أحمد ابن أبي طاهر الأسفراييني الفقيه كتاباً ، فرآه أبو حامدٍ يوماً قد أخذ عليه عنباً ، ثمّ إنّ الرّجل سأله بعد ذلك أن يعيره كتاباً ، فقال له : تجيءُ إلى المنزل ، فأتاه ، فأخرج الكتاب إليه في طبقٍ وناوله إياه ،
فقال الرّجل : ما هذا ؟ قال له : هذا الكتاب الذي طلبته ، وهذا الطّبق تضع عليه ما تأكله ؛ فعلم بذلك ما جنى
292 -
قال أبو إسحاق الجهيمي : تنكر الحجّاج وخرج ، فمرّ على المطّلب غلام أبي لهب ، فقال له : أي شيءٍ خبر الحجاج ؟ فقال : على الحجاج لعنة الله ، قال : متى يخرج ؟ قال : أخرج الله روحه من بين جنبيه ، قال : أتعرفني ؟ قال : لا ، قال : أنا الحجاج ، قال له : أتعرفني ؟ قال : لا ، قال : أنا المطّلب غلام أبي لهبٍ ، معروفٌ بالصّرع ، أصرع في كل شهرٍ ثلاثة أيّام ، اليوم أوّلها ؛ فتركه ومضى
293 -
وانفرد الحجّاج يوماً عن عسكرهِ ، فلقي أعرابياً فقال له : كيف الحجَّاج ؟ قال : ظالمٌ غاشم ، قال : فهلا شكوتموه إلى عبد الملك ؟ قال : هوأظلم وأغشم ؛ فأحاط به العسكر ، قال : أركبوا البدوي ؛ فلما ركب ، سأل عنه ، فقيل له : هذا الحجَّاج ؛ فركض خلفه ، وقال : يا حجَّاج ! قال : ما لك ؟ قال : السرُّ الّذي بيني وبينك لا يطَّلع عليه أحد ؛ فضحك منه وأطلقه
294 -
قال محمد بن إسحاق : قيل لعمر بن عبد العزيز : إنَّ في المدينة مخنّثاً قد أفسد نساءها ؛ فكتب إلى عاملهِ أن يحمله إليه ، فحمل ؛ فأدخل عليه ، فإذا شيخٌ خاضبٌ اللّحية والأطراف معتجرٌ ؛ فدخل ومعه دفٌّ في خريطةٍ ، فلمّا وقف بين يديِّ عمر صعَّد فيه النَّظر
وصوَّبه ، ثمَّ قال : سوأةٌ لهذهِ السن وهذهِ القامةِ ؛ ثمَّ قال له عمر : أتحفظ من المفصَّلُِ شيئاً ؟ قال : نعم ، وما المفصَّلُ ؟ قال : ويلك ! أتقرأُ من القرآنِ شيئاً ؟ قال : أقرأُ ! ( الحمد ) ! وأخطئ فيها موضعين أو ثلاثةٍ ، وأقرأُ ! ( قل أعوذ برب الناس ) ! وأخطئ فيها ، وأقرأُ ! ( قل هو الله أحد ) ! مثل الماءِ الجاري ؛ قال : ضعوه في الحبسِ ، ووكِّلوا بهِ معلِّماً يعلمه القرآن وما يجبُ عليهِ من الطَّهارةِ والصلاةِ ، وأجروا عليه كلَّ يوم درهماً ، وعلى معلّمهِ ثلاثةً ، ولا يخرج مِن الحبس حتّى يحفظ القرآن أجمع ؛ فكان كلّما علَّم سورةً نسيَ الَّتي قبلها ، فبعث رسولاً إلى عمر : يا أمير المؤمنين ! وجه إلي من يحملُ إليك ما أتعلمه أولاً فأوّلاً ، فإنَّي لا أقدر أن أحمله ؛ فقال عمر : ما أرى هذهِ الدَّراهم إلاّ لو أطعمناها جائعاً أو كسونا بها عارياً كان أصلح ؛ ثمَّ دعا به ، فقال : أقرأ ! ( يا أيها الكافرون ) ! فقال : أسأل الله العافية ! أدخلت يدك في الجراب ، فأخرجت شَّرَّ ما فيه وأصعبه ؛ فأمر بوجىء عنقه ، ونفاه
295 -
قال المبرّد : قدم بعض البصريين من أصحاب أبي الهذيل بغداد ، وقال : لقيت مخنثّين ، فقلت لهما : أريد منزلاً ؛ وكان هذا الرجل في نهاية القبح ، فقال أحدهما : بالله من أين أنت ؟ قلت : من البصرة ؛ فأقبل على الآخر ، فقال : لا إله إلاَ الله ، تحول يا أختي كل شيء من الدنيا ، حتى هذا ! كانت القرود تجيء إلى بغداد من اليمن صارت تجيء من البصرة !
296 -
قال أبو القاسم الرازي : سمعت أخي أبا عبد الله يقول :
قام بنان الحمال إلى مخنّث ، فأمره بالمعروف ، فقال له المخنث : ارجع كفاك ما بك ، فقال له بنان : وما بي ؟ قال : خرجت من بيتك وفي نفسك أنك خير منَّي
297 -
دخل رجل الحمَّام ، فإذا مخنثٌ بين يديهِ خطميّ ، فقال الرّجل : أعطني من هذا قليلاً ؛ فأبى ، فقال الرَجل : كل قفيز بدرهم ، فقال المخنث : كل أربعة أقفزةٍ بدرهم ، احسب حسابك ، كم يصيبك بلا شىءٍ ؟ !
298 -
قيل لأبي الحارث جمّيز : ما تقول في الفالوذجة ؟ قال : وددت أنها والموت اعتلجا في صدري ، والله لو أنَ موسى لقي فرعون بفالوذجة لآمن ، لكنَه لقيه بعصا
299 -
أدخل مخنث على العريان بن الهيثم ، وهو أمير الكوفة ، فقال : يا عدو الله ! أتتخنث وأنت شيخ ! ؟ فقال : مكذوب علي كما كذب علي الأمير ، فقال : وما قيل فيّ ؟ قال : يسمونك العريان ولك عشرون جبّة
300 -
قال المتوكل يوماً لجلسائه : أتدرون ما الذي نقم المسلمون على عثمان ؟ أشياءٌ ، منها أنه قام أبو بكر دون مقام رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بمرقاة ، ثم قام عمر دون أبي بكر بمرقاة ، فصعد
عثمان ذروة المنبر ؛ فقال عبادة : ما أحد أعظم منة عليك يا أمير المؤمنين من عثمان ؛ قال : وكيف ذلك ؟ قال : لأنّه صعد ذروة المنبر ، فلو أنه كلما قام خليفةٌ نزل عمن تقدمه كنت أنت تخطبنا من بئر جلولاء ؛ فضحك المتوكل ومن حوله
301 -
قال أبو عثمان الخالدي : عملتُ قصيداً أمدح سيف الدولة أبا الحسين ابن حمدانٍ ، وعرضتها على جماعةٍ ، أتعرّف ما عندهم فيها ، فاتّفق أن حضر مخنّثٌ وأنا أقرأها ، فلمّا انتهيت إلى قولي : ( وأنكرت شيبةً في الرّأس واحدةً ** فعاد يسخطها ما كان يرضيها ) قال : هذا غلطٌ ! يقول للأمير : في الرّأس واحدةً ! ألا قلت : في الرّأس طالعةً أو لائحةً ؟ فعجبت من فطنته وجودة خاطره وحسن عرافته
302 -
قال الأصمعي : قيل لطويس : ما بلغ من شؤمك ؟ قال : ولدت يوم توفي رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، وفطمت يوم توفي أبو بكر ، وختنت يوم مات عمر ، وراهقت يوم قتل عثمان ، وتزوّجت يوم قتل علي وولد لي يوم قتل الحسين
303 -
نظر جمّيز إلى برذونٍ تحت صديقٍ له يقطف ، فقال : برذونك هذا يمشي على استحياء . 304 - قال بعض الأدباء لصديقٍ له : أنت والله بستان الدنيا ،
فقال له الآخر : أنت النّهر الذي يشرب منه ذلك البستان
305 -
تظلم أهل الكوفة من عاملها إلى المأمون ، فقال : ما علمت في عمّالي أعدل منه ؛ فقال رجلٌ من القوم : يا أمير المؤمنين ! فقد لزمك أن تجعل لسائر البلدان نصيباً من عدله حتى تكون قد ساويت بين رعاياك في حسن النظر ، فأمّا نحن ، فلا يخصنا أكثر من ثلاث سنين ؛ فضحك وصرفه
306 -
قال عليّ بن مهديّ : مرّ طبيبٌ بأبي الواسع المازني ، فشكا إليه ريحاً في بطنه ، فقال له : خذ الصّعتر ، فقال : يا غلام ! دواةٌ وقرطاسٌ ؛ قال : قلت ماذا ؟ قال : كرّ صعترٍ ومكوك شعيرٍ ، قال : لم تذكر الشعير أوّلاً ! قال : ولا علمت أنّك حمارٌ أيضاً إلا الساعة
307 -
دعا بعض الظرفاء قوماً ، فتبعهم طفيليّ ، ففطن به الرّجل ، فأراد أن يعلمهم أنّه قد فطن به ، فقال : ما أدري لمن أشكر ؟ لكم إذ أجبتم دعوتي ، أو لهذا الذي تجشم من غير أن أدعوه ؟ 308 - قال يموت بن المزرّع : قال لي سهل بن صدقةٍ ، وكانت بيننا مداعبةٌ : ضربك الله باسمك ، فقلت له مسرعاً : أحوجك الله إلى اسم أبيك

309 -
مرّ رجلٌ من الفطناء برجلٍ قائم في طريقٍ ، فقال : ما وقوفك ؟ قال : أنتظر إنساناً ، قال : يطول وقوفك إذن
310 -
تقدّم رجلٌ سيىء الأدب إلى حجّام ، فقال له : تقدّم يا ابن الفاعلة وأصلح شاربي ، فقال له : إن كان خطابك للنّاس كذا فعن قليلٍ تستريح منه
311 -
قال عبد الرحمن بن مخلدٍ : دفعت امرأة إلى رجل يقرأ عند القبور رغيفاً ، وقالت له : اقرأ عند قبر ابني ؛ فقرأ ! ( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر ) ! [ 54 سورة القمر / الآية : 48 ]
قال : فقالت له : هكذا يقرأ عند القبور ؟ ! فقال لها : فإيش أردت برغيفٍ ! ( متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان ) ! [ 55 سورة الرحمن / الآية : 54 ] ؟ ذاك بدرهم !
312 -
حضر خيّاطٌ عند بعض الأتراك ليفّصل له قباءً ، فأخذ يفصّل والتّركيّ ينظر إليه ، فما أمكنه أن يسرق شيئاً ، فضرط ، فضحك التركي حتى استلقى ، فأخرج الخياط من الثوب ما أراد ، فجلس التركي ، فقال : يا خيّاطّ ضرطةٌ أخرى ؛ فقال : لا يجوز ، يضيق القباء
313 -
قدّم قومٌ غريماً لهم إلى الحاكم ، فادّعوا عليه ، فقال :
صدقوا ! إلا أني سألتهم أن يؤخروني حتى أبيع عقاري وأدفع إليهم ، فإن لي مالاً وعقاراً ورقيقاً وإبلاً ، فقالوا : كذب ، ما يملك شيئاً ، إنّما يريد دفعنا عن نفسه ، فقال : أيّها القاضي ! اشهد لي عليهم
فعدمه ، ثمّ قال لخصومه : قد عدمته ؛ فأركب حماراً ، ونودي عليه : هذا معدمٌ ، فلا يعامله أحدٌ إلا بالنّقد ؛ فلمّا كان العشاء ترك عن الحمار ، فقال له المكاريّ : هات أجرة الحمار ، قال : ففيم كنّا مذ الغداة ؟ ! 314 - نظر بعض الحكماء إلى رجلٍ يرمي هدفاً ، وسهامه تذهب يميناً وشمالاً ، فقعد في وجه الهدف ، فقيل له في ذلك ، فقال : لم أر موضعاً أسلم منه
315 -
رمى رجلٌ عصفوراً ، فأخطأه ، فقال له رجلٌ : أحسنت ؛ فغضب ، وقال : تهزأ بي ؟ قال : لا ! ولكن أحسنت إلى العصفور
316 -
قيل لرجل : تحفظ القرآن ؟ قال : نعم ، قالوا : إيش أوّل الدّخان ؟ قال : الحطب الرّطب
317 -
استأجر رجلٌ داراً ، فجعل خشب السقوف يتفرقع ، فقال لمالك الدّار : أصلح هذا السقف ، فإنّ خشبه يتفرقع ؛ قال : لا بأس عليك ، فإنّه يسبح ؛ قال : أخشى أن تدركه الرّقّة فيسجد

318 -
وقف قومٌ على مزبدٍ ، وهو يطبخ قدراً ، فأخذ أحدهم قطعة لحم ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر إلى خلّ ؛ وأخذ آخر قطعة لحم ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر إلى أبزار ؛ وأخذ آخر قطعة لحم ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر إلى ملحٍ ؛ فأخذ مزبد قطعة لحمٍ ، فأكلها ، وقال : تحتاج القدر إلى لحمٍ
319 -
قام رجلٌ على رأس ملكٍ ، فقال : لم قمت ؟ قال : لأقعد ؛ فولاه
320 -
ومرّ رجلٌ بمزبدٍ وهو جالسٌ يتفكر ، فقال له : في أي شيءٍ تتفكر ؟ قال : في الحج ، قد عزمت عليه السّنة ، قال : فما أعددت له ؟ قال : التلبية ، فما أقدر على غيرها
321 -
وزفّت إليه امرأة قبيحةٌ ، فقيل له : بم تصبحّها ؟ قال : بالطلاق
322 -
ونظر إلى قومٍ مكتفين يحملون إلى السجن ، فقال : ما قصة هؤلاء ؟ قال : خيرٌ ! قال : فإن كان خيراً فكتفوني معهم ! ! 323 - وغضب عليه بعض الولاة ، فأمر بحلق لحيته ، فقال له الحجّام : افتح فمك ! فقال : الأمير أمرك بحلق لحيتي أو تعلّمني الزمر ؟ 324 - قص قاصّ ، فقال : إذا مات العبد وهو سكران ، دفن
وهو سكرانٌ ؛ وحشر وهو سكران ؛ فقال رجلٌ في طرف الحلقة لآخر : هذا والله نبيذٌ جيدٌ ، يسوى الكوز منه عشرين درهماً
325 -
صلّى رجلٌ صلاة خفيفةً ، فقال له الجمّاز : لو رآك العجّاج لسرّ بك ، فقال : ولم ؟ قال : لأن صلاتك رجزٌ
326 -
قال الجمّاز لأبي شراعة : كيف تجدك ؟ قال : أجدني مريضاً من دماميل قد خرجت في أقبح المواضع ، فقال : ما أرى في وجهك منها شيئاً !
327 -
رأى المعتصم أسداً ، فقال لرجلٍ قد أعجبه قوامه وسلاحه : أفيك خيرٌ ؟ فعلم أنّه يريد أن يقدمه إلى الأسد ، فقال : لا يا أمير المؤمنين ؛ فضحك
328 -
مرّ غرابٌ الماجن بسائل يقول : أنا عليلٌ وأنا جائع ، فقال له : احمد ربّك ، فقد نقهت
329 -
ضحى فضلٌ الوالي عن امرأته ستين سنةً ، فسمع يوماً محدثاً يحدث ، يقول : يحشر الناس يوم القيامة وبين أيديهم ضحاياهم ؛ فقال : إن كان كما تقول ، فإن امرأتي تحشر يوم القيامة راعيةً بعصاوين
330 -
بلغني عن بعض الظراف المتماجنين أنّه قال : لمّا صنع
السامريّ العجل ، قال إبليس : هذه فضيحةٌ ! تعبد بقرةٌ ! الآن يلعنني الناس ويقولون : هذا عمله ، انظروا ما يقول السّامريّ ! قالوا : قد قال : ! ( بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها ) ! [ 20 سورة طه / الآية : 96 ] ، قال : ثم أيش ؟ قالوا : قد قال : ! ( وكذلك سولت لي نفسي ) ! [ 20 سورة طه / الآية : 96 ] ، قال : استرحت أنا السّاعة من أن يقال عنّي
331 -
قال محمد بن عبد الرحمن : دعا مدنياً مرّةً أخٌ له ، فأقعده إلى العصر ، فلم يطعمه شيئاً ، فاشتدّ جوعه ، وأخذه مثل الجنون ، فأخذ صاحب البيت العود ، وقال له : بحياتي ! أي صوتٍ تشتهي أن أسمعك ؟ قال : صوت المقلى
332 -
كان بعض الظرفاء يجلس عند بقالٍ ضعيفٍ ، لا يكاد يبيع إلا بخبز ، فجاءه رجلٌ ، فقال له : عندك بهذا الدينار قراضه ؟ فقال له الظريف : مرّ ، ثكلتك أمّك ! هذا قراضته كلّها يطرحها بن
333 -
دخل ظريفٌ يصلّي في مسجدٍ ، فسرقوا لالكته ، فخبّأوها في كنيسةٍ [ قرب ] المسجد ، ففتّش ، فرآها في الكنيسة ، فقال : ويحك ! لمّا أسلمت أنا تهودت أنت ! ؟ 334 - بات رجلٌ في دار قومٍ ، فانتبه صاحب الدّار بالليل ،
فسمع ضحك الرّجل في الغرفة ، فصاح به : يا فلانٌ ! قال : لبيك ؛ قال : كنت في الدار ، فما الذي رقّاك إلى الغرفة ؟ قال : قد تدحرجت ؛ فقال : النّاس يتدحرجون من فوق إلى أسفل ، فكيف تدحرجت أنت إلى فوقٍ ؟ قال : فمن هذا أضحك
335 -
قال صبي ليهودي : يا عمّ ! قف حتى أصفعك ! قال : أنا مستعجلٌ ، اصفع أخي عنّي
336 -
رئي فقيرٌ في قريةٍ ، فقيل : ما تصنع هنا ؟ قال : ما صنع موسى والخضر
يعني قوله : ! ( استطعما أهلها ) ! [ 18 سورة الكهف / الآية : 77 ]
337 -
شتم رجلٌ رجلاً ، فقال المشتوم : إيش قلت لك ؟ فأوهمه أنّه يستفهمه ، وإنّما ردّ عليه
338 -
كان سابور وزير بهاء الدولة يكثر الولاية والعزل ، فولّى بعض العمّال عكبرا ، فقال له : أيّها الوزير ! كيف ترى ؟ أستأجر السفينة مصعداً ومنحدراً ؟ فتبسم وقال : امض ساكتاً
339 -
بلغني عن أبي سعدٍ ابن أبي عمامة ، وكان من المتماجنين ، أن رجلاً قال له : رزقك الله قصراً يبين باطنه من ظاهره ؛ فقال : فنحن الآن قعودٌ في الطريق

340 -
وقال له رجلٌ : تصدّق عليّ حتى أحيلك على من يرى ولا يرى ؛ فقال : إذا لم ير ، فممّن أطلب ؟ 341 - قال رجلٌ لعض الظراف : قد لدغتني عقربٌ ، فهل عندك لهذا دواءٌ ؟ فقال : الصياح إلى الصباح
342 -
قال مصعب الزّبيري : أتي العريان بسكرانٍ ، فقال له : من أنت ؟ فقال : ( أنا ابن الذي لا ينزل الدّهر قدره ** وإن نزلت يوماً فسوف تعود ترى النّاس أفواجاً إلى ضوء ناره ** فمنهم قيامٌ حولها وقعود ) فخلاّه ، فإذا به ابن باقلاّويّ
343 -
قال بعض الشعراء : ( إذا لم يكن في البيت ملحٌ مطيّبٌ ** وزيتٌ وخلٌّ حول حبّ دقيق ولم يك في كيسي دراهم جمّةٌ ** تنفد حاجاتي بكل طريق فرأس صديقي في حر أمّ قرابتي ** ورأس عدوّي في حر أم صديقي ) 344 - قيل لأبي الحارث جمّيز : ما فعل فلانٌ ؟ قال : مات ، قيل : ما ورثت امرأته ؟ قال : أربعة أشهرٍ وعشراً

الباب الثاني فيما يذكر عن النساء من ذلك 345 - قالت عائشة : قلت : يا رسول الله ! لو نزلت وادياً فيه شجرةٌ قد أكل منها ، ووجدت شجراً لم يؤكل منها ، في أي شجرةٍ كنت ترتع بعيرك ؟ قال : ' في التي لم ترتعي منها '
يعني أن النبي [ صلى الله عليه وسلم ] لم يتزوج بكراً غيرها
346 -
قال ابن أبي الزّناد : كان عند أسماء بنت أبي بكرٍ قميصٌ من قمص رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ، فلمّا قتل عبد الله بن الزبير ذهب القميص فيما ذهب مما انتهب ، فقالت أسماء : للقميص أشدّ عليّ من قتل عبدالله ؛ فوجد القميص عند رجلٍ من أهل الشام ، فقال : لا أردّه أو تستغفر لي أسماء ؛ فقيل لها ، فقالت : كيف استغفر لقاتل عبد الله ؟ قالوا : فليس يردّ القميص ! فقالت : قولوا له فليجيء
فجاء بالقميص ومعه عبدالله بن عروة ، فقالت : ادفع القميص إلى عبد الله ؛ فدفعه ، فقالت : قبضت القميص يا عبد الله ؟ قال : نعم ؛ قالت : غفر الله لك يا عبد الله ؛ وإنّما عنت عبد الله بن عروة
347 -
قال عبد الله بن مصعبٍ : قال عمر بن الخطاب : لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقيّة ، وإن كانت بنت ذي الغصّة ،
يعني : يزيد بن الحصين الحارثيّ ، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال ؛ فقالت امرأة : ما ذاك لك ! قال : ولم ؟ قالت : لأنّ الله عزّ وجل قال : ( وءاتيتم إحداهنّ قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً ) [ 4 سورة النساء / الآية : 20 ] فقال عمر : امرأة أصابت ورجلٌ أخطأ
348 -
قال أبو الحسن المدائني : دخل عمران بن حطّان يوماً على امرأته ، وكان قبيحاً دميماً قصيراً ، وقد تزيّنت ، وكانت حسناء ، فلم يتمالك أن أدام النّظر إليها ، فقالت : ما شأنك ؟ قال : لقد أصبحت والله جميلةً ، فقالت : أبشر ! فإني وإيّاك في الجنة ؛ قال : ومن أين علمت ؟ قالت : لأنّك أعطيت مثلي فشكرت ، وابتليت بمثلك فصبرت ، والصّابر والشاكر في الجنة
349 -
قال القحذميّ : دخل ذو الرّمّة الكوفة ، فبينما هو يسير في بعض شوارعها على نجيبٍ له ، إذ رأى جاريةً سوداء واقفةً على باب دار ، فاستحسنها ، فدنا منها ، فقال : يا جارية ! اسقني ماءً ؛ فأخرجت إليه كوزاً ، فشرب وأراد أن يمازحها ، فقال : ما أحرّ ماءك ! فقالت : لو شئت لأقبلت على عيوب شعرك وتركت حرّ مائي وبرده ؛ فقال لها : وأي شعري له عيبٌ ؟ فقالت : ألست ذا الرّمّة ؟ قال : بلى ! قالت :
(
فأنت الذي شبّهت عنزاً بقفرةٍ ** لها ذنبٌ فوق استها أمّ سالم جعلت لها قرنين فوق جبينها ** وطبيين مسّودين مثل المحاجم وساقين إن يستمكنامنك يتركا ** بجلدك يا غيلان مثل المناسم أيا ظبية الوعساء بين حلاحل ** وبين النّقا أأنت أم أمّ سالم ) قال : نشدتك الله إلا أخذت راحلتي هذه وما عليها ولم تظهري هذا ؛ ونزل عن راحلته ، فدفعها إليها ، وذهب ليمضي ، فدفعتها إليه ، وضمنت له أن لا تذكر لأحد ما جرى
350 -
عن ابن السّكّيت ، أن محمد بن عبد الله بن طاهر عزم على الحج ، فخرجت إليه جاريةٌ شاعرةٌ ، فبكت لما رأت من آلة السفر ، فقال محمد بن عبد الله : ( دمعةٌ كاللؤلؤ الرّطب ** على الخدّ الأسيل هطلت في ساعة البين ** من الطّرف الكحيل ) ثم قال لها : أجيزي ، فقالت : ( حين هم القمر الباهر ** عنّا بالأفول إنّما يفتضح العشاق ** في وقت الرّحيل ) 351 - قال الأصمعي : جاءت عجوزٌ إلى عبد الله بن جعفر ، فقال : كيف حالك يا عجوز ؟ قالت : ما في بيتي جرذٌ ؛ فقال : لقد أطلقت المسألة ، لأملأن بيتك جرذاناً . 352 - قال المبرّد : كنّا عند المازنّي ، فجاءته أعرابية كانت تغشاه
ويهب لها ، فقالت : أنعم الله صباحك أبا عثمان ، هل بالرّمل أو شالٌ ؟ فقال لها : يجيء الله به ، فقالت : ( تعلمنّ والذي حجّ القوم ** لولا خيالٌ طارقٌ عند النوم والشوق من ذكراك ما جئت اليوم ** ) فقال المازني : قاتلها الله ! ما أفطنها ! جاءتني مستمنحةً ، فلمّا رأت أن لا شيء جعلت المجيء زيارةً تمنّ بها عليً
قال اليشكري : الأوشال جمع وشلٍ ، وهو : الماء القليل ، وهو مثلٌ هنا ، أي عندكم من ندى ؟ 353 - وقف المهديّ على عجوزٍ من العرب ، فقال : ممّن أنت ؟ قالت : من طيّىء ، قال : ما منع طيئاً أن يكون فيهم مثل حاتم ؟ فقالت : الذي منع الملوك أن يكون فيهم مثلك ! فعجب من جوابها ، ووصلها
354 -
قال المأمون لزبيدة لمّا قتل ابنها : لن تعدمي منه إلا عينيه ، وأنا ولدك مكانه ؛ فقالت : إن ولداً أفادنيك جديرٌ أن أجزع عليه
355 -
قال يموت بن المزرّع : قال لنا الجاحظ : كنت مجتازاً في بعض الطرقات ، فإذا أنا بامرأتين ، وكنت راكباً على حمارةٍ ، فضرطت الحمارة ، فقالت إحداهما للأخرى : ويّ ! حمارة الشيخ تضرط ! فغاظني قولها فأعننت ثم قلت : إنّه ما حملتني أنثى قط إلا
ضرطت
فضربت بيدها على كتف الأخرى ، وقالت : كانت أمّ هذا منه تسعة أشهرٍ في جهدٍ جهيد
356 -
وقال الجاحظ : رأيت بالعسكر امرأةً طويلةً جدّاً ونحن على الطعام ، فأردت أن أمازحها ، فقلت : أنزلي تأكلي معنا ، فقالت : وأنت فاصعد حتى ترى الدّنيا
356 -
قال الزبير بن بكارٍ : قالت بنت أختي لأهلي : خالي خير رجلٍ لأهله ، لا يتخّذ ضرّةً ، ولا يشتهي جاريةً ؛ قالت : تقول المرأة : والله لهذه الكتب أشدّ عليّ من ثلاث ضرائر . 358 - قال أبو القاسم عبيد الله بن عمر البقال : تزوّج شيخنا أبو عبد الله ابن المحرّم ، وقال لي : لمّا حملت إليّ المرأة جلست في بعض الأيّام أكتب شيئاً على العادة ، والمحبرة بين يديّ ، فجاءت أمّها ، فأخذت المحبرة ، فضربت بها الأرض ، فكسرتها ، فقلت لها في ذلك ، فقالت : هذه شرّ على ابنتي من ثلاث مئة ضرّة
359 -
أراد شعيب بن حربٍ أن يتزوّج امرأةً ، فقال لها : إني سيىء الخلق ، فقالت : أسوأ خلقاً منك من يحوجك إلى أن تكون سيىء الخلق

360 -
اعترض رجلٌ جاريةً ، ليشتريها ، فقال لها : بيدك صنعةٌ ؟ فقالت : لا ! ولكن برجلي ؛ تعني : إنها رقاصةً
361 -
خاصمت امرأةٌ زوجها ، وقالت : طلقني ! فقال : فأنت حبلى ، إذا ولدت طلقتك ! فقالت : ما عليك منه ! قال : فإيش تعملين به ؟ قالت : أقعده باب الجنة فقاعى ؛ فقالوا لعجوز : ما معنى هذا ؟ قالت : تعني : إنّها تشرب ماء السذاب ، وتتحمل به حتى يسقط ، فيلحق بالجنّة ، فيكون كالفقاعى
362 -
عرض على المتوكل جاريةً ، فقال لها : بكرٌ أنت أم إيش ؟ فقالت : أم إيش ؛ فضحك وابتاعها
363 -
عرض على رجل جاريتان : بكرٌ وثيبٌ ، فاختار البكر ، فقالت الثيب : ما بيني وبينها إلا يومٌ ، فقالت البكر : ! ( وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون ) ! [ 22 سورة الحج / الآية : 47 ] فاشتراها
364 -
خرج رجلٌ ، فقعد يتفرّج على الجسر ، فأقبلت امرأةٌ من جانب الرّصافة متوجّهة إلى الجانب الغربي ، فاستقبلها شابٌ ، فقال لها : رحم الله علي بن الجهم ؛ فقالت المرأة : رحم الله أبا العلاء المعري ؛ ومرّا
قال : فتبعت المرأة ، وقلت لها : إن لم تقولي ما قلتما فضحتك

فقالت : قال لي : رحم الله عليّ بن الجهم يريد قوله : ( عيون المها بين الرصافة والجسر ** جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري ) وأردت بترحمي على أبي العلاء قوله : ( فيا دارها بالحزن إن مزارها ** قريبٌ ولكن دون ذلك أهوال ) 365 - غضب المأمون على طاهر بن عبد الله ، فأراد طاهرٌ أن يقصده ، فورد كتابٌ له من صديقٍ له ، ليس فيه إلا السلام ، وفي حاشيته : يا موسى ! فجعل يتأمّله ولا يعلم معنى ذلك ، وكانت له جارية فطنةٌ ، فقالت : إنه يقول : ! ( يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) ! [ 28 سورة القصص / الآية : 20 ] فتثبط عن قصد المأمون
366 -
قال بعضهم : حضرت مغنيّتين ، فكانت إحداهما تعبث بكل من تقدر عليه ، والأخرى ساكتةٌ ، فقلت للساكتة : رفيقتك هذه ما تستقر مع واحدٍ ؛ فقالت : هي تقول بالسنّة والجماعة ، وأنا أقول بالقدر
367 -
خاصمت امرأة زوجها في تضييقه عليها ، فقالت : والله ما يقيم الفأر في بيتك إلا لحب الوطن ، وإلا فهن يسترزقن من بيوت الجيران
368 -
جاءت دلالةٌ إلى رجلٍ ، فقالت : عندي امرأة كأنها طاقة نرجسٍ ؛ فتزوّجها ، فإذا هي عجوزٌ قبيحةٌ ، فقال للدلالة : غششتني ،
فقالت : لا والله ! إنما شبهتها بطاقة نرجسٍ لأنّ شعرها أبيضٌ ، ووجهها أصفرٌ ، وساقها أخضر
369 -
أعطت امرأة جاريتها درهماً ، وقالت : اشتري به هريسةً ؛ فرجعت ، وقالت : يا سيدتي ! ضاع الدرهم ؛ فقالت : يا فاعلة ! أتكلميني بفمك كله وتقولين ضاع الدرهم ! فأمسكت الجارية بيدها نصف فمها ، وقالت بالنصف الآخر : وانكسرت الغضارة
370 -
وقال رجل لجاريةٍ أراد شراءها : كم دفعوا فيك ؟ فقالت : ! ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) ! [ 74 سورة المدثر / الآية : 31 ]
371 -
قال أبو بكر ابن عيّاش : كان بالكوفة رجلٌ قد ضاق معاشه ، فسافر ، وكسب ثلاث مئة درهم ، فاشترى بها ناقةً فارهةً ، وكانت زعرةً ، فأضجرته ، واغتاظ منها ، فحلف بالطلاق ليبيعنّها يوم يدخل الكوفة بدرهم ، ثمّ ندم ، فأخبر زوجته بالحال ، فعمدت إلى سنّور ، فعلّقتها في عنق النّاقة ، وقالت : ناد عليها : من يشتري هذا السنور بثلاث مئة درهم والنّاقة بدرهم ! ولا أفرق بينهما ؛ ففعل ، فجاء أعرابيٌّ ، فقال : ما أحسنك ! لولا هذا البتيارك الذي في عنقك
372 -
قال زكريا بن يحيى السّاجيّ : اشترى رجلٌ من أصحاب القاضي العوفي جاريةً ، فعصته ولم تطعه ، فشكى ذلك إلى العوفي ،
فقال : انفذها إليّ حتى أكلمها ؛ فأنفذها إليه ، فقال لها : يا عروب ! يا لعوب ! يا ذات الجلابيب ! ما هذا التمنع المجانب للخيرات ، والاختيار للأخلاق المشنوآت ؟ قالت له : أيّد الله القاضي ! ليست لي فيه حاجةٌ ؛ فمره يبيعني ! فقال : يا منية كل حكيم ، وبحاثٍ عن اللّطائف عليم ، أما علمت أنّ فرط الاعتياصات ، من الموموقات ، على طالبي المودّات ؟ فقالت له الجارية : ليس في الدنيا أصلح لهذه العثنونات المنتشرات على صدور أهل الرّكاكات من المواسي الحالقات ؛ وضحكت وضحك أهل المجلس ؛ وكان العوفي عظيم اللحية
373 -
قال الجاحظ : طلب المعتصم جاريةً كانت لمحمود الورّاق ، وكان نخاساً ، بسبعة آلاف دينارٍ ، فامتنع محمودٌ من بيعها ، فلما مات محمود اشتريت للمعتصم من ميراثه بسبع مئة دينار ، فلما دخلت إليه ، قال لها : كيف رأيت ؟ تركتك حتى اشتريتك من سبعة آلافٍ بسبع مئةٍ ! قالت : أجل ! إذا كان الخليفة ينتظر لشهواته المواريث ، فإنّ سبعين ديناراً كثيرةٌ في ثمني فضلاً عن سبع مئةٍ ؛ فأخجلته
374 -
قال رجلٌ لنسوةٍ : إنّكنّ صواحب يوسف ، فقلن : فمن رماه في الجبّ ، نحن أو أنتم ؟ 375 - وقفت امرأة قبيحة على عطارٍ ماجنٍ ، فلما رآها ، قال :
! (
وإذا الوحوش حشرت ) ! [ 81 سورة التكوير / الآية : 5 ] فقالت : ! ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ) ! [ 36 سورة يس / الآية : 78 ]
376 -
رأى رجلٌ امرأةً قد خضبت رؤوس أصابعها وشنترتها ، فقال : ما أحسن هذا الزيتون ! فقالت : فكيف لو رأيت قالب الجبن ؟ ! 377 - حكي لنا أنّه كان لجعفر بن يحيى ، خاتمٌ منقوشٌ عليه ( جعفر بن يحيى ) ، فنادى أن لا ينقش أحدٌ على خاتمه ( جعفر بن يحيى ) فجاءت جاريةٌ إلى نقّاش ، فقالت له : أريد أن تنقش لي على هذا الخاتم إذا حضرت عندك ما أقوله لك ؛ فحضرت ، وقد أوصت خادمين أن يصيح أحدهما في أوّل السوق : جعفر ، ويصيح الآخر في آخر السّوق : يحيى ! فقالت : انقش لي ما تسمعه من أوّل صائح يصيح الآن ، فصاح أحدهما : جعفر ، فقال : ما يمكنني أن أنقش جعفر ! فصاح الآخر : يحيى ، فقالت : انقش الآن جعفر بن يحيى ؛ فنقشه
387 -
قال أبو حنيفة : خدعتني امرأة أشارت إلى كيس مطروح في الطريق ، فتوهّمت أنّه لها ، فحملته إليها ، فقالت : احتفظ به حتى يجيء صاحبه
379 -
قال رجلٌ لامرأته : أمرك بيدك ؛ فقالت : قد كان في يدك عشرين سنةً ، فحفظته ، فلا أضيعه أنا في ساعةٍ ، وقد رددته إليك ؛ فأمسكها

380 -
بكت عجوزٌ على ميتٍ ، فقيل لها : بماذا استحق هذا منك ؟ فقالت : جاورنا وما فينا إلا من تحل له الصّدقة ، ومات وما فينا إلا من تجب عليه الزكاة
381 -
كان رجلٌ يقف تحت روشن امرأةٍ ، وهي تكره وقوفه ، فجاء في بعض الأيام وعليه قميصٌ دبيقيٌ ، قد غسله عند المطري ، وسقاه نشاءً ، وهو لبيسٌ ، وتحته قميصٌ روميٌّ كذلك ؛ وكان للنّاس أترجٌ سوسيٌ ، في الأترجة ثلاثون رطلاً ، فأخرجت بطيخة كافور ، وأشارت إليه : تعال خذ هذه ؛ فجاء ، فوقف تحت الرّوشن ، فقالت : أمسك حجرك صلباً حتى لا يقع فينكسر ؛ فلزم حجره ، فأخرجت البطيخة كأنها ترمي بها ، فرمت أترجّته في حجره ، فلم يردّه شيءٌ سوى الأرض ، وبقي ما في القميص على رقبته وأكتافه ، فهرب مستحيياً وما عاد بعدها

382 -
قال رجلٌ لرجلٍ : قد جرحني المزين في رقبتي ؛ فقالت امرأة : هذا حتى لا يتمرمر
تعني أنّه كذا يصنع بالقرع

الباب الثالث فيما ذكر عن الصبيان من ذلك 383 - قال الزبير بن بكارٍ : كان ابن الزبير يلعب مع الصبيان وهو صبي ، فمر رجلٌ فصاح عليهم ، ففروّا ، ومشى ابن الزبير القهقرى ، وقال : يا صبيان ! اجعلوني أميركم ؛ وشدوا عليه
384 -
ومرّ به عمر بن الخطّاب وهو يلعب مع الصبيان ، ففرّوا ووقف ، فقال له : مالك لم تفرّ مع أصحابك ؟ قال : يا أمير المؤمنين ! لم أجرم فأخاف ، ولم يكن الطريق ضيّقة فأوسع عليك
385 -
قال علي ابن المديني : خرج سفيان بن عيينة إلى أصحاب الحديث وهو ضجرٌ ، فقال : أليس من الشقاء أن أكون جالست ضمرة بن سعيدٍ ، وجالس ضمرة أبا سعيد الخدريّ ؛ وجالست عمرو بن دينارٍ ، وجالس جابر بن عبد الله ؛ وجالست عبدالله بن دينارٍ ، وجالس ابن عمر ؛ وجالست الزهري ، وجالس أنس بن مالكٍ ؛ حتى عدّ جماعة ، ثم أنا أجالسكم ! فقال له حدثٌ في المجلس : انتصف يا أبا محمدٍ ! قال : إن شاء الله ؛ قال : والله لشقاء من جالس أصحاب رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] بك أشدّ من شقائك بنا ؛ فأطرق وتمثّل بشعر أبي نواسٍ :
(
خل جنبيك لرام ** وامض عنه بسلام مت بداء الصمت خيرٌ ** لك من داء الكلام ) فسأل : من الحدث ؟ قالوا : يحيى بن أكثم ؛ فقال سفيان : هذا الغلام يصلح لصحبة هؤلاء
يعني : السلاطين
386 -
قال أبو عاصم النبيل : رأيت أبا حنيفة في المسجد الحرام يفتي وقد اجتمع النّاس عليه ، وآذوه ، فقال : ما ههنا أحدٌ يأتينا بشرطيّ ؟ فقلت : يا أبا حنيفة ! تريد شرطياً ؟ ! قال : نعم ! فقلت : اقرأ عليّ هذه الأحاديث التي معي ؛ فقرأها ، فقمت عنه ، ووقفت بحذائه ، فقال لي : أين الشرطيّ ؟ فقلت له : إنّما قلت : تريد ، لم أقل لك : أجيء به ؛ فقال : انظروا ! أنا أحتال للنّاس منذ كذا وكذا ، وقد احتال عليّ هذا الصبّي
387 -
قال ثمامة : دخلت إلى صديق أعوده ، وتركت حماري على الباب ، ولم يكن معي غلامٌ يحفظه ، ثمّ خرجت ، وإذا فوقه صبيّ ، فقلت : أركبت حماري بغير إذني ؟ ! قال : خفت أن يذهب فحفظته لك ؛ قلت : لو ذهب كان أحب لي من بقائه ؛ قال : إن كان هذا رأيك فيه ، فاعمل على أنّه قد ذهب وهبه لي واربح شكري ؛ فلم أدر ما أقول
388 -
قال الأصمعي : قال رجلٌ من أهل الشّام : قدمت المدينة ؛ فقصدت منزل إبراهيم ابن هرمة ، فإذا بنتٌ له صغيرةٌ تلعب بالطين ، فقلت لها : ما فعل أبوك ؟ قالت : وفد إلى بعض الأجواد ، فما
لنا منه علمٌ منذ مدةٍ ؛ فقلت : انحري لنا ناقةً ، فإنّا أضيافك ؛ قالت : والله ما عندنا ، قلت : فشاةً ، قالت : والله ما عندنا ، قلت : فدجاجةً ، قالت : والله ما عندنا ، قلت : فأعطنا بيضةً ، قالت : والله ما عندنا ، قلت : فباطلٌ ما قال أبوك : ( كم ناقةٍ قد وجأت منحرها ** بمستهل الشؤبوب أو جمل ) قالت : فذاك الفعل من أبي هو الذي أصارنا إلى ليس عندنا شيءٌ
389 -
قال بشرٌ الحافي : أتيت باب المعافى بن عمران ، فدققت الباب ، فقيل لي : من ؟ فقلت : بشرٌ الحافيٌ ؛ فقالت لي بنية من داخل الدار : لو اشتريت نعلاً بدانقين ذهب عنك اسم الحافي
390 -
قال الأصمعي : بينا أنا في بعض البوادي ، إذا أنا بصبي - أو قال : صبيةٍ - معه قربةٌ قد غلبته ، فيها ماءٌ ، وهو ينادي : يا أبةِ أدرك فاها ، غلبني فوها ، لا طاقة لي بفيها ؛ قال : فوالله قد جمع العربية في ثلاث
391 -
قال الأصمعي : وقلت لغلامٍ حدثٍ من أولاد العرب : أيسرّك أن يكون لك مئة ألف درهم وأنّك أحمقٌ ؟ قال : لا ، والله ؛ قلت : لم ؟ قال : أخاف أن يجني عليّ حمقي جنايةً تذهب مالي وتبقي عليّ حمقي
392 -
لقي صبي رجلاً غافلاً ، فقال له الصبي : إلى أين تمضي ؟
فقال : إلى المطبق ، فقال : أوسع خطواتك
393 -
ركب المعتصم إلى خاقان يعوده ، والفتح صبي يومئذٍ ، فقال له المعتصم : أيّما أحسن : دار أمير المؤمنين أو دار أبيك ؟ فقال : إذا كان أمير المؤمنين في دار أبي ، فدار أبي أحسن ؛ وأراه فصّاً في يده ، فقال : رأيت يا فتح أحسن من هذا الفصّ ؟ فقال : نعم ! اليد التي هو فيها
394 -
ذبح رجلٌ بخيلٌ دجاجةً ، فدعاه صديقٌ له ، فأمر بالدّجاجة فرفعت ، وبات عند صديقه ، فلمّا جاء دعا بالدّجاجة ، فإذا هي منزوعة الفخذ ، فقال : من هذا الذي تعاطى فعقر ؟ فامتنعوا أن يخبروه ، فقال لقهرمانه : اقطع خبزهم ونفقاتهم ؛ فوثب غليمّ له صغير ، وقال : ! ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) ! [ 7 سورة الأعراف / الآية : 155 ] فردّ عليهم خبزهم
395 -
قعد صبيّ مع قومٍ يأكلون ، فجعل يبكي ، فقالوا : ما لك ؟ قال : الطعام حارُّ ، قالوا : فدعه حتى يبرد ، فقال : أنتم ما تدعونه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما هي المقحمات

تعقيب علي المقحمات يتبين من تعريف المقحمات بين النووي ومعاجم اللغة العتيدة أن النووي أخطأ جدا في التعريف { المقحمات مفتوح للكتابة...